يوسف الكويليت - الرياض السعودية لم تستطع القاعدة أن تقوم بعمل إرهابي كبير، لأن معظم خططها كُشفت وجرت معها أزمات مادية، وربما بشرية تجندها لهذه الغاية، ولعل انحسارها في العراق وضرب مواقعها في أكثر من بلد ثم لجوءها لليمن إلى جانب باكستان وأفغانستان أفقدها المبادرة في اختيار الهدف والنجاح في ضربه.. حادثة نيويورك، وإن لم تكشف التحقيقات عن الجهة التي ينتمي إليها (شاه زاده) الذي حاول تفجير سيارة في «تايمز سكوير» هي واحدة من نشوة مجنونة ، ولو حدث أن تمت العملية بدون اكتشاف خيوطها، لكانت الآثار قاتلة على العالم الإسلامي كله، لأننا لا نستطيع التحكم بمشاعر الشعوب عندما يشاهدون مظاهر إيذائهم حتى لو كانت السلطة الأمريكية في عهد أوباما أكثر انفتاحاً وتقارباً مع العالم الإسلامي، بل إن العملية صارت حافزاً لانتقاده على جهود التواصل مع المسلمين، والمشكل الآخر أن تبعات هذه القضية سوف تؤجج العداء ضد المسلمين والإسلام معاً في كل أنحاء العالم، ويكفي أن تحريم النقاب في معظم دول أوروبا ، وفرض غرامات على أي امرأة ترتديه، جاءت حادثة نيويورك لتدعمه معنوياً وسياسياً.. سيستمر الإرهاب قائماً طالما أن هناك مخازن إمداد له بشرياً ومادياً، ومن قوىً وربما دول ومنظمات تدعم هذا الاتجاه، في حين أنه حتى لو تضرر الخصم، فهو الأقوى والأقدر على الملاحقة وشن الحرب إذا تطلب الأمر لدولة عظمى بأن تحمي أمنها القومي.. العالم الإسلامي بحكوماته وهيئاته وأنظمته مطالبٌ بأن يستنكر الحادثة ليس من باب مداهنة أمريكا، بل لأن ديننا الحنيف يرفض هذا التصرف، ثم إن تعاملنا مع الأحداث بعقلانية، ومن خلال مصالحنا والدفاع عن سمعة ديننا وسلوكنا العام، لَيؤكد للآخرين أننا بيئات طاردة للإرهاب بأي لون يتخذه، ولا يكفي مبرراً أن ضحايا الإرهابيين للمسلمين يفوق غيرها، لأن المبدأ واحد سواء جاء على دولة أجنبية أو إسلامية، أو أصحاب ديانات أخرى.. الأمر الآخر أننا لا نجد تعاوناً إسلامياً جاداً في ملاحقة وكشف خلايا الإرهابيين ، بل هناك من يتهم حكومات ومنظمات سرية إسلامية بدعم هذه الخلايا، إما لتصفية حسابات مع دولة ما ، أو الانتقام لأسباب تخدم مصلحة الداعمين ، وهنا لابد من فهم أننا شركاء مع كل دول العالم وأن الحالة الراهنة تجعل المسلم ملاحقاً عندما يحاول أخذ رخصة دخول لدولة أوروبية أو أمريكية، وحتى في حالة تواجده في تلك الدول فإنه يخضع لمراقبة سرية على كل حركة يقوم بها، وهذا لا نجده عند الآخرين من شعوب تدين بغير الإسلام، وكأن هذا الدين هو الملاحَق بنصوصه وإيمانه وعدالته، والمؤلم أن حالات الهدم جاءت من صلب المسلمين وحاولوا تعميم العداء بشكل أممي، وهي مسألة خطيرة، ليس فقط على علاقاتنا مع الحكومات العالمية، بل مع شعوبها وهي قضية لا تعالج بالأماني طالما أصبح الإرهاب مرتبطاً بالإسلام والمسلمين، مما يجعل وسائل الإقناع والتعامل مع الشعوب برؤية تغاير سلوك الإرهابيين هي واحدة من معالجات تقتضي منا أن نتفاعل، وأن نؤكد أننا شركاء مسؤولية مع كل دول العالم وشعوبه..