محمد العوضي - الرأي الكويتية إبان صعود وتنامي وامتداد التيارات الشيوعية والاتجاهات المادية المنبثقة عنها كالاشتراكية واليسارية وكل ما ينضوي تحت راية العلمانية... في تلك الاجواء كانت اقلام الكتاب والمفكرين المنتمين لهذا الخط المعادي للدين والتدين، تكتب بصراحة ضد الاسلام عقيدة وشريعة وبعد ان تربع رموز اليسار العربي على كثير من مؤسسات الثقافة والفكر الرسمي وغير الرسمي طفحت اصداراتهم بالفكر البديل الذي يُبشرون به الناس للخلاص من الرجعية الدينية والخروج من نفق الظلامية العقائدية التاريخية كما يزعمون!! بيد ان خطة التيارات العلمانية بتنوعاتها الفكرية (وجودية، ماركسية لا أدرية، الحاد، وضْعية... الخ) فبعد ان كانت تهاجم الدين مباشرة اتخذت استراتيجية بديلة تسير على خطين: الاول تزوير الحقائق وخيانة علمية وممارسة فسوق ثقافي تبعا لجملة من اساتذتهم في التزوير من المستشرقين، الخط الثاني من مهاجمتهم للدين هو تفريغ النصوص من دلالاتها إلى درجة استخراج حكم سموه شرعيا ينقض الحكم الاصلي الذي فهمه الصحابة وطبقوه ورضيه قبلهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وتمثله واقرته المدارس الفقهية وسارت عليه... اي انهم يفسرون النص من خلال منظورهم الفكري المادي، ونصر حامد ابوزيد يمثل سابقة في الجمع بين السوءتين، تزوير النصوص زائد تأويلها ماركسيا، واذا اردنا ان نضيف نموذجا جديدا لمن يمارس الجمع بين دجل التزوير والتعطيل لنصوص القرآن الكريم والافتراء على علماء المسلمين ممن قضوا نحبهم ولا يستطيعون الدفاع عن انفسهم كالامام الشافعي المفترى عليه الذي فضح ابوزيد نفسه وازرى بالمدافعين عنه في تزويراته لم يقرأوا في كتبه او قرأوها ولفرط بساطتهم ودروشتهم التنويرية فاتت عليهم حيل ابوزيد النموذج الجديد احد محرري جريدة الاهرام الذي ابى إلا ان يسير على خطى المزور ابوزيد في ما نشره بتاريخ (27/1) تحت عنوان (البي. بي. سي ترتدي الحجاب) ما دعى الكاتب فهمي هويدي الى ممارسة فضحه في مقاله الاخير الثلاثاء 2/2 بعنوان «مكافحة التعصب أم نبذ الدين». حيث أبان هويدي ان نص محرر الاهرام جاء تعقيبا على ظهور احدى المذيعات المسلمات بالحجاب على شاشة تلفزيون ال«بي.بي. سي» الذي يبث باللغة العربية، وهو ما استفز الكاتب الذي عبر عن غضبه واحتجاجه في قوله: «لما كانت بريطانيا دولة مدنية علمانية ينص دستورها على حرية العقيدة والكلمة فإن التوجه الجديد لا يتفق مع العلمانية، والأهم من ذلك ان ارتداء القناة للحجاب ليس انحيازا للاسلام ولا احتراما للمسلمين بل انحياز لقوى التطرف والتشدد والارهاب» (!!) وفي موضع اخر قال: ان القناة ارتدت الحجاب لتشارك في الصراع بجانب القوى المتشددة والارهابية»، وختم التعليق بقوله: ان النص القرآني لا يفرض الحجاب على المسلمات، مضيفا ان هذا الفهم عبر عنه بوضوح الشيخ محمد عبده في فتاواه المتعلقة بالحجاب. علق فهمي هويدي على هذا اللغو الصحافي فقال: «النصان من نماذج الكلام الغريب الذي يلوث الادراك في مصر هذه الايام، من حيث انه مسكون بالنفور من حضور التدين ومظاهره والنص الاخير تفوق في بؤسه ليس فقط على مستوى الموقف وانما على المستوى المعرفي ايضا، فصاحبنا لم يحتمل ظهور مذيعة واحدة بالحجاب واعتبر ان القناة كلها تحجبت، واتهمها بمساندة التشدد والارهاب هكذا مرة واحدة، وذكر ان الدستور البريطاني ينص على كذا وكذا، وهو لا يعلم ان بريطانيا ليس لها دستور مكتوب، وادعى ان الامام محمد عبده له فتوى بخصوص الحجاب تدعم رأيه، وهذه كذبة اخرى، لأن كلام الامام حجة عليه ينحاز إلى الرأي القائل بأن الوجه والكفين ليسوا عورة، بما يعني ان كلامه انصب على النقاب وليس الحجاب». وأنا اتساءل هنا اضافة إلى ما قاله الاستاذ هويدي: لماذا يكون كثير من الصحافيين الغربيين (افرادا وحكومات) متساهلين ومتسامحين في قضية حجاب المسلمات اكثر من الصحافيين العرب او المسلمين؟ ثم ما سبب هذه الكراهية الشديدة لحرية اختيار المسلمات لباسهن الشرعي في ظل تزايد وتيرة العري المبتذل المهين للمرأة؟ ثم إلى متى لا يشبع العلمانيون من الكذب والتزوير على العلماء والفقهاء والمفكرين المسلمين من الامام الشافعي إلى محمد عبده؟ ثم إلى هذه الدرجة بلغت الجرأة من استعراض الجهل على صفحات الجرائد وعدم الحياء من الظهور بمظهر الرجل الثقافي وكل ذلك من أجل النكاية بالدين تحت ستار الطعن في ممارسات الشعائر الدينية لدى بعض المسلمات... انها العلمانية الجهلانية وفقدان شرف الكلمة في الخصومات الفكرية... ان اقبح القبح عند العلماني الغَرْبي ان تصفه بالكذب لان فيه سقوط المصداقية، ولكن دراويش التنوير العربي عندنا يمارسون التزوير واستضافة الكذابيّن والدفاع عنهم تحت شعار حرية الرأي!!! حلوة هذه النكتة السخيفة... لذا سنبدأ من الاسبوع المقبل - بعد الاجازة - بكشف اباطيل دراويش التنوير عندنا وعندهم!