ليسمح لي الصديق الكاتب الصاخب بأناقة المغربي إدريس أبو زيد استعارة العنوان الذي تصدّر مقالته منذ سنوات خلت في جريدة الأسبوع المغربية وسبب اختياري لذات العنوان أنني لم أجد أصدق تعبيراً عن حالتنا اليوم في ظل انفلات حبل الفتاوى غير عنوان زميلنا أبو زيد تعليقاً على فتوى شيخ عربي رفض وجرّم قرار جمهورية فرنسا منع الحجاب بمدارسها ليس لأنها تكره الإسلام ولكنها لا تريد التمييز في المدارس ومن ثم ينفلت العقال كلّ يلبس رمزه الديني فينشغل الناس بالأكثريّة والأقليّة لتشتعل شرارة فتنة تُحرق المجتمع الفرنسي المشغول أصلاً بمنافسة غيره من المجتمعات الأخرى من أجل تحقيق السبق العلمي ومن ثم الاقتصادي والصناعي ..الخ القضيّة اليوم صارت أكثر تعقيداً من ذي قبل بسبب توتر العلاقة بين الأديان ومحاولة بعض الأطراف المستفيدة تصعيد هذا التوتر حتى تتحقق مقولة صِدام الحضارات التي أطلقها صمويل هنتنجتون في لحظة استشراف (مُكهربة) للمستقبل قد تحدث وقد لا تحدث، الشاهد أن (بعض) رجال الدين الذين يتصدرون مشهد الفتوى في العالم الإسلامي اليوم يقولون كلاماً مُستفزّاً دون إدراك لخطورة أقوالهم، بل إنني أعتقد بجهلِ بعضهم تأثير وسائل الاتصال الحديثة التي تنقل فتاواهم بسرعة الصواريخ العابرة للقارات إلى مراكز الترجمة والتحليل ومن ثم إعادة إنتاجها بطريقة تخدم أصحاب مقولة صراع الحضارات والخاسر الأكبر في هذه اللعبة هو العالم الإسلامي بسبب فردٍ لم يحسب لكلامه حساباً ناهيك عن إمكانية توتر علاقات الدول بعضها ببعض بسبب ذلك الفرد وتلك الفتوى. الأكثر خطورة حين يُشرعن أحدهم ممارسات تُحاربها كل القوانين في الكون مثل إباحة الرشوة والقول بجواز الكذب إذا كان يُدافع عن الدين ، ألم يثبت للعالم بأن سبب وجود بقايا المقبورة (طالبان) اتجارها بالمخدرات ؟؟ عجيب أمر البعض حين ينظرون بنصف عين مفتوحة لما يؤيد توجهاتهم ويُغمضون الأعين بكليتها عن الحق حين يكون ضدهم..! أقول : حان الوقت لتقنين الفتوى فالأزهر في مصر المصدر الرئيس هٌناك ولدينا مُنظّمة المؤتمر الإسلامي حيث يوجد ضمن أجهزتها مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يضم ضمن أعضائه من الفقهاء والعُلماء والمفكرين في شتى مجالات المعرفة الفقهية والثقافية العلمية والاقتصادية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي حسب موقع المُنظّمة بهدف ( دراسة مشكلات الحياة المعاصرة "الاجتهاد" والاجتهاد فيها اجتهادا أصيلا فاعلا لتقديم الحلول النابعة من التراث الإسلامي والمنفتحة على تطور الفكر الإسلامي.). فلماذا لا نُسميها مرجعيّة للإفتاء تُجيز رسمياً مهنة المُفتي حتى يعرف الناس مصداقية الفتوى وصاحبها؟