ربما تشير بشائر تقاسم الوجوه من قلب صالة الحوار الوطني إلى بشارة مختلفة لمستقبل حوارنا الوطني، على يميني أو على يساري (للتمويه) يجلس فضيلة الشيخ وإلى جواره رمزنا الثقافي الوطني الضخم من التيار المقابل. هذه لقطة اعتراف بأن الاثنين متواجدان على الساحة الفكرية الوطنية، وأن عليهما أن يعترفا بوجود بعضهما البعض بالترميز عن نفسيهما أو عن المدارس التي ينتميان إليها. رسالة اعتراف بأن فكرة – الإلغاء – الثقافية أو الفكرية هي بالضبط مثل من يحاول فصل ذرتي الهيدروجين عن ذرة الأوكسجين في تركيب الماء، ولربما كان التمثيل الذري في العنصرين هو ذات التمثيل الاجتماعي لمدرستيهما في قلب المجتمع، الآن يقف الرمزان في قاعة الحوار الوطني بالأحساء وهما من تناظر من قبل وتبادلا تأليف المقالات في التأليب المنهجي على بعضهما البعض. هذه الحقيقة التي كشفها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تثبت الحقيقة الناصعة في أن البناء الثقافي لا يمكن أن يبنى على الإقصاء أو التهميش أو الرمي بتهم التطرف أو التكفير أو مصادرة الصوت الإسلامي بتهمة المتشدد أو النويري بتهمة الانسلاخ والتغريب. الخطاب الثقافي هو صوت المجموع الوطني كاملاً في مساحة من الماء إلى الماء ومن أقصى سهول الشمال إلى جبال الجنوب ومن الخطأ، الذي يعكس كل منطق وعقل، أن يظن أحدنا أنه بالإمكان صهر هذا التباين والتنوع. لا يمكن اختزال مليونين ونصف المليون من المساحة وخمسة آلاف كيلو متر من الحدود في ميل مربع واحد. لم يعد بالإمكان أن يهيمن خطاب على الآخر ولم يعد بالإمكان أن نصل الطريق بعين واحدة بدعوى (رمد) الأخرى. لا يمكن أن نصحو بالصباح على أحلام أضغاث – فرمان –وقد انتهت من بيننا طائفة أو مذهب أو تلاشى من سمائنا سحاب مدرسة أو فريق. القوة أن نحيا بتنوعنا، لأن أكثر الحدائق مللاً هي حديقة الزهرة الواحدة. القوة أن نوظف تبايناتنا المختلفة إلى جسد مؤتلف، لأن هذا بالضبط هو ديدن الحياة الإنسانية. وكما أن صحراء – الموهابي – تستحيل على الحياة تحت وطأة الجفاف، فإن النقيض في منطقة – الما نقرا – الهندسية أيضاً يستحيل على الحياة رغم أنها المكان الوحيد على وجه الأرض الذي لا تشرق عليه الشمس ولا يغيب عنه المطر. النفس ملولة من الرقابة ومن اللون الواحد والسمات الواحدة. حتى الصورة بجوار الشيخ تبدو متناغمة رغم التباين.