سفينة الثقافة التي جالت حول مدن البحر المتوسط، وكان من ركابها كتاب وصحفيون ومثقفون، والغرض هو تجسير الثقافة بين هذه الشعوب، ومن المدن التي حظيت بزيارة من هذه السفينة : الإسكندرية وبيروت وفي الختام أقيمت حفلة موسيقية ( رائعة ) لا أحد يعترض على الحوار واللقاء مع ثقافات أخري وآراء أخرى، والتحدث عن ثقافتنا في كل مجالات الحياة، ولكن أنت أيها المثقف المسلم إذا كنت من ركاب هذه السفينة ولم تحضر الحفلة الموسيقية ماذا سيقال عنك ؟ الذي أتوقع أن يقال : غير معتدل - أصولي.... إلخ ويتبين لك أن من مقاصد هذه السفينة هو اللقاء في منتصف الطريق مع ثقافات أخرى وعقائد أخرى. فإذا كنت ممن يري الحوار وتبادل الآراء، فلا بد أن تتنازل عن بعض الثوابت وإلا فالاتهام جاهز. إنها إحدي مناورات إبعاد الإسلام الصحيح عن الساحة، ولاندري هل الاستمساك بعرى الدين يتناقض مع العيش في هذا العصر وهل لابد من التنازلات، والجواب طبعاً بالنفي ولكن بعض الناس يظنون ذلك. يتحدث الأستاذ محمد كرد علي عن عالم لغوي جزائري يحاور الغرب ويحضر اللقاءات ولكنه مظهر للشخصية العربية الإسلامية، يقول عن محمد أبي شنب : شهدته يخطب بالفرنسية في مؤتمر المستشرقين في ( أوكسفورد ) وهو في لباسه الوطني : عمامة صفراء ضخمة، وزنار عريض، وسراويل مسترسلة، ومعطف من صنع بلاده، وظننتني أستمع عالماً من اكبر علماء فرنسا وأدبائها في روح عربي وثقافة إسلامية أو عالمًا من علماء السلف. ([1]) (2) فيلسوف متصوف، يغوص في المصطلحات أو ينحت مصطلحات جديدة صعبة وعقيمة، والناس مهتمون به، يريدون معرفة ماعنده وماذا يريد لعل عنده شيء مهم جدًا، ينير السبيل ويساعد على تلمس الطريق، وشهرته تساعد على هذا السعي لقراءة كتبه، وهو يعتقد أنه يقدم شيئًا مفيدًا لأمته – وهو صادق – في نفسه وفيما يظن أنه الصواب، ولكن ليس هذا هو سبيل الإنقاذ وسبيل النهضة. ومفكر يعيش في الأبراج العاجية، يكتب في تصحيح الأفكار، وهذا شيء طيب، ولكن أين الصلة بالواقع المعيش، واقع التدهور الأخلاقي والسياسي، أين الكتابة التي تصف الداء وتقترح الدواء ( تضع الملح على الجرح كما يقال) إنها راحة من هموم معايشة الناس وآلامهم وآمالهم. (3) زعيم سياسي له حزب وجماعة، ولكن صوفيته أبت إلا أن تجرفه إلي الطريق الملتوي الخاطيء فهو رغم مالكيته ومعرفته بمنهج أهل السنة ولكنه مع إيران وتجربة إيران وأزلام إيران ويضرب صفحًا عن حقدهم وبعدهم عن الإسلام واحتقارهم للعرب، وسب الصحابة، وهدم التاريخ الإسلامي إنه تناقض صارخ، وكأنه لم يقرأ عنهم ولاعرف ماضيهم وحاضرهم. هل هي سذاجة سياسية أم مناكفة للسلفية ؟ (4) هل ذهب عصر الكلمة المكتوبة وانحسر ظلها إلي غير رجعة حين زاحمتها الكلمة الإلكترونية، أم أنها شيء فجأ الناس فالتفوا إليه، وسيرجعون إلي الكلمة المكتوبة، بعض الصحف والمجلات العالمية بدأت بالتراجع وبعضها يفكر بالانتقال إلي الكلمة الإلكترونية، هذا هو الواقع، ولكنني أعتقد أن الكتاب الجيد، والمجلة القوية مايزال الناس بحاجة إليهما، خاصة عندما يكتب الكاتب مقالات تأسيسية ليعطي القاريء المفتاح الذي يكتسب به القدرة على الفهم والتحليل.