انباؤكم - عبدالله بن عبدالعزيز العزاز لقد ودَّع رسول الله - صلى الله عليه و سلم - الحياة و لم يورث ديناراً ولا درهمًا ، و إنما ورّث هذا العلم الذي توارد عليه النبلاء من أبناء هذه الأمة ، لينقلوا للناس أجود ميراث ، و يتسنموا أرقى مكانة ، إذ أنهم أعلم الناس بمراد الله ، و لأن الله زكاهم في غير موضع من كتابه ، فكان حظهم من الشرف حظ عظيم . و إذا ما اختلطت الأمور و ظهر هيجان الناس و التباس الأفكار و تداخل الحق بالباطل و الباطل بالحق ، كان العلماء أعرف الناس بالحق ، و أسرعهم تفحصًا للأمور ، و هم أعلم الناس بحكم الله الذي به صلاح البشرية ، و به استقامة الدنيا و الدين ، و لن يعرف حكمَ الله الذي أوجب نفوذه في الأرض التي هي ملكه إلا من عرف شريعة الله ، و ما فيها من الحكم و الأحكام إلا هؤلاء العلماء . و هم ليسوا بمعزل عن الابتلاء الذي نال مورثيهم من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام ، حيث لاقوا ما لاقوا و عانوا ما عانوا ، و ظلوا على استمساك بما يريده الله دون استجابة للضغوط أو المطالبات ، ليكون لهم نصيب من الأجر كبير عوضًا عن هذا الأذى . و اليوم يقف المتطرفون ( بنوعيهم ) من أهل الغلو أو أهل الجفاء في وجه العلماء ، لإسقاطهم من أعين الناس ، لتخلوا الساحة لهم ، و هذا هو الهدف المشترك بين هؤلاء الغلاة و أولئك المتحررين ، و مع وحدة الهدف تجد تبايُن المنطلقات ، و لكن مهما كانت مختلفة متاينة فإنها توجب عليهم الوقوف في خندق واحد يرمون العلماء بسهامهم و يشتركوا فيهامن و من سلك طريقتهم من غيرهم . فالمتطرفون الغالون يلجأون إلى رمي العلماء بسهام التخوين و المداهنة و الانبطاح للسلطات و أكل أموال الناس بالباطل ، و أقرانهم يتهمون العلماء بالرجعية و التخلف و التحريض و الدموية و الوصاية ، إلى غير ذلك مما قد يقتنع به البعض فيقع في ازدراء العلماء ، و الخضوع لهذه الممارسات و الكلمات التي يعقبها الفساد العريض و ضياع الشريعة و اتخاذ الرؤوس الجهال و ظلال الناس و إظلالهم تنتشر الفتن و تغيب معالم الشريعة و لا يبقى قائد يمثل الإسلام و يرجع إليه في المسائل و النوازل ، و لا يُهرع إليه لإخماد الفتن . فليعلم كل من اقتحم باب الطعن في قوام الأمة و ارتكب هذه الجريمة في حق أمته و في حق بلده و في حق المسلمين ، أنه يشارك أعداءه في هذا الهجوم على العلماء الذين لا يصلح الدين إلا بهم فلا يدرج سهمه مع سهام المتطرفين أصحاب المقاصد المتوحدة و المنطلقات المختلفة . و ليلك سبيل أهل السنة في النقد و التقويم ، لأنهم كما قال شيخ الإسلام : أعرف الناس بالحق ، و أرحمهم بالخلق . الرسالة