بداية أتقدم بخالص شكري وتقديري لكل من تفاعل مع مقال الثلاثاء الماضي سواء بالقراءة أو بالتعليق أو بالنقد بشكليه أو بالمبادرة لاختيار العجائب السعودية السبع والتي كانت محور الحديث في المقال السابق, وأخص بالذكر هنا الهيئة العامة للسياحة والآثار, وبعض المتخصصين بشؤون الآثار, هذا إضافة إلى العديد من القراء الأعزاء الذين تحمسوا لفكرة المقال. حقيقة حينما فكرت في إضافة قائمة جديدة للمشهد السعودي المعاصر, لم أكن أظن أن الأمر سينحى باتجاه عملي وجدي, فقط كنت بصدد توصيف مرض عضال يكاد يفتك بكل أجزاء الجسد السعودي, هذا الجسد الذي يُعاني أصلاً من العديد من الأمراض والأزمات والانتكاسات, كنت أنتقد نظرية نصف الكأس الفارغ, تلك النظرية التي نمتهنها بكل مهارة وحرفية, ولكن يبدو أن الأمر في طريقه لتجاوز مرحلتي التوصيف والنقد ليقترب من مرحلة المشاركة الفاعلة في وضع الحلول, وأنا الآن بكل تواضع وارتباك أحاول عبر هذا المقال أن أؤسس لفكرة بسيطة وطموحة قد تكون في يوم ما نواة لمشروع وطني يُضيف لواقعنا الحالي شيئاً من الحراك الإنساني الذي نفتقده في كثير من تفاصيل حياتنا المليئة بالرتابة والكآبة والجمود. هذا المقال سيُخصص لرصد عجائب السعودية السبع, ولكن قبل ذلك أشير إلى ثلاث نقاط مهمة وهي: أن هذا الاختيار ليس مبنياً على ضوابط علمية أو معايير تخصصية ولكنه مجرد خطوة طموحة لذلك, أيضاً كل تلك العجائب عبارة عن عنوان كبير أو مثال مشهور للعديد من العجائب التي يزخر بها الوطن, كذلك جاءت تلك العجائب متنوعة لمجالات وقطاعات مختلفة للبعد عن التكرار والتشابه. والآن إلى عجائب السعودية السبع: 1- الحرمان الشريفان بكل ما يتضمنانه من مشاعر مقدسة ومعمار إسلامي فريد, ولعل الكعبة المشرفة كأول بيت وضع للناس ويقع في قلب مكةالمكرمة, وهي قبلة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم, ويقصدها الملايين في كل عام للحج أو للعمرة, فهي بلا شك أعجوبة الدنيا منذ بدء الخليقة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. 2- طباعة المصحف الشريف, وهو عمل يُمثل دور المملكة الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين. ومنذ عام 1984م ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة يُعنى بطباعة القرآن وتوزيعه بمختلف اللغات والإصدارات والروايات على كل المسلمين في العالم. وينتج المجمع سنوياً أكثر من 10 ملايين نسخة من المصحف الشريف, وقد بلغ عدد ما طُبع حتى الآن 200 مليون نسخة, وترجم إلى 44 لغة من لغات العالم. لا أظن بيتاً من بيوت المسلمين يخلو من القرآن الكريم, ولكن أغلب الظن بأنه من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. 3- مدائن صالح أو "الحجر", وهي إحدى أهم وأبرز المناطق التاريخية والمواقع الأثرية في السعودية, بل وفي العالم. وقد ورد ذكرها في القرآن وفي كتب المؤرخين والجغرافيين القدماء والمعاصرين. ولعل اختيارها ضمن قائمة التراث العالمي كأول موقع أثري سعودي يُشهَر عالمياً يُمهد الطريق للعديد من المعالم الحضارية والتراثية السعودية للدخول ضمن تلك القائمة العالمية كالدرعية التاريخية ومنطقة جدة التاريخية. مدائن صالح تستقبل سنوياً العديد من الأفواج السياحية القادمة من أوروبا وأمريكا واليابان, ولكنها حتى الآن ليست ضمن الوجهات السياحية في ذهن الإنسان السعودي! 4- جسر الملك فهد, أحد أهم المنجزات الحضارية على الصعيد المعماري والبناء الهندسي في العالم, كما أنه أهم جسر بحري عالمي يصل بين دولتين. افتتح عام 1986م, واستغرق تنفيذه أربع سنوات ونصف السنة, وبلغت تكلفته الإجمالية 3 بلايين ريال سعودي, وشارك في تشييده أكثر من 1500 موظف وعامل. وكما أنه أعجوبة في تصميمه المعماري وشكله الهندسي, هو كذلك أيضاً أعجوبة في إدارته وموظفيه وحفاوته البالغة لمرتاديه والتي قد تصل أحياناً كثيرة إلى عدة ساعات! 5- واحة الأحساء الطبيعية, رغم خروجها المشرف من نهائيات مسابقة عجائب الطبيعة السبع في العالم بإشراف منظمة اليونسكو, فهي من أكبر الواحات الزراعية في العالم, وفيها أكثر من 2,5 مليون نخلة تنتج آلاف الأطنان من أفخر أنواع التمور في العالم, كما توجد بها أكثر من 30 عيناً مائية جوفية ما بين باردة وحارة وكبريتية, وتحتوي على العديد من المعالم السياحية والأثرية والحضارية كجبل قارة وميناء العقير وحقل "الغوار" العملاق. 6- أرامكو وسابك, أيقونتا الاقتصاد الوطني والعالمي, وهما شركتان سعوديتان وطنيتان تُعتبران الأهم والأكبر من حيث الصناعة والإنتاج والتسويق والشحن, وكذلك العنصر البشري حيث يبلغ عدد الموظفين في أرامكو 53 ألف موظف معظمهم من السعوديين, وعدد موظفي سابك قرابة ال 20 ألف موظف غالبيتهم من السعوديين. تتصدر أرامكو منذ خمسة عقود قائمة اكبر شركات النفط في العالم, أما سابك فهي من اكبر شركات البتروكيماويات في العالم. 7- جامعتا الملك فهد والملك عبدالله, أما جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران شرق السعودية فتعتبر من أوائل الجامعات السعودية, حيث بدأت عام 1965م, وهي المؤسسة التعليمية الرائدة للعلوم والتقنية في المملكة, بل وعلى مستوى الوطن العربي, وقد تخرج منها العديد من الشخصيات المهمة كالعلماء والوزراء والمتخصصين. أما جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية فهي الأحدث, حيث لم تبدأ الدراسة فيها إلا قبل ثلاثة أيام, وسوف تفتتح رسمياً في 23 سبتمبر 2009م, أي في اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية. وهي جامعة لطلاب الدراسات العليا وتقع في ثول على ضفاف البحر الأحمر شمال مدينة جدة. رغم الجدل الواسع حول تدهور التعليم وضعف الجامعات السعودية, إلا أن هاتين الجامعتين الرائعتين تحصدان الإعجاب والتقدير. تلك عجائب السعودية السبع كما أظن رغم أن هذا الوطن مليء بالعجائب والغرائب!