لا شك أن هناك من يفرح بالمتدينين المعتدلين، ومن يفرح بفعلهم الخير، ومشاركتهم حياة الناس بالمعروف، وهناك في المقابل من يتمنى أن ينقرضوا، وأن لا تبقى لهم باقية. هناك من يريد أن يعيش كل المجتمع بوسائل إعلامه، ودوائر معاملاته بالطريقة التنويرية الخاصة به! ويحلو لهذا الفصيل أن يكتب ويتكلم في كل منبر وساحة عن المطاوعة الذين تغلغلوا في كل ميدان، وانحشروا في كل طريق، وانغرسوا في كل ساحة، وتفشوا في البر والبحر والجو! ويتساءل البعض هل موسم المطاوعة انحسر، أم تقزم، أم تشرذم، أم تمدد؟ والجواب ما ترى لا ما تسمع، المطاوعة العقلاء، سماهم الناس أم لم يسموهم يعملون على قدم وساق. نعم ليسوا على أيدلوجية الأمس بمعطيات الأمس، ولكنهم بأيدلوجية اليوم وبعقلية الغد! هذا الشهر الفضيل هو موسم المطاوعة. تراهم بفضل الله في كل ميدان. بدل الإمام مئة، وبدل المشروع عشرة، وبدل العمل التطوعي لجان (حبيّة) و (شعبية) و (رسميّة) ! المطاوعة في الجامعات، ووسائل الإعلام، وقاعات التدريب، ونوادي الرياضة، وملتقيات الثقافة. المطاوعة اليوم ساحات نقاشاتهم مفتوحة، وآمالهم طموحة، وعطاءاتهم لا حدود لها. المطاوعة اليوم يقرأون، ويتأملون، ويتجددون، ويطورون، وينزلون لساحة الناس والحياة. نعم المطاوعة ليسوا فئة واحدة، ولا عقلية واحدة، ولا مدرسة واحدة. لكنهم رغم هذا كله يتحركون بفكر واع، ومنهج رشيد، ورؤية عاقلة، ونفسية متعافية، ووسائل متجددة. قد لايزال الإخفاق لدى جملة منهم ظاهراً، واستيعابهم للمستجدات ضعيفاً، وميلهم لرأيهم قوياً، ولكنهم متأثرون بالتيار الإسلامي الواعي المتجدد. وفي رمضان .. يظهر موسمهم في المساجد والعمل الخيري وساحات العبادة، بل وساحات الإعلام والغنى والمال. لايهم أن نوزع الناس مطاوعة وغير مطاوعة، المهم أن يثبت أهل الخير والصلاح والوعي والبصيرة مكانهم ودورهم المستقبلي بوضوح، وخططهم القوية، وخطواتهم الصحيحة، وكل مواسم المطاوعة إلى خير في فهم للدين، وخدمة للمجتمع، وإسعاد للوطن والمواطنين.