ليس في القرآن الكريم ولا السنة النبوية المطهرة ولا ورد بإجماع أهل العلم ولا حتى بالقياس (وهي مصادر التشريع المعتبرة) ، ولا في المذاهب الأربعة ، ولا في كتب أهل العلم من السلف والخلف مصطلع أو مسمى \"مطوع\" أو \"مطاوعة\" يستعمل للدلالة به على شخص أو مجموعة من الأشخاص بحيث يميزهم عن سواهم بأنهم ملتزمون بشرع الله القويم ، مجتهدين في طاعته ، يحبون الله ورسوله ، يرجون ما وعد الله به عباده الطائعين من النعيم المقيم ، ويخافون ما وعد الله به مخالفي دينه من العذاب الأليم . فنحن نجد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وفي كتب أهل العلم من السلف والخلف مسميات تمس كل شخص في المجتمع المسلم وتلصقه بمجتمعه أكثر ، ولا تفصله أو تميزه عن مجتمعه بل يحس كل فرد في المجتمع المسلم أنه معني بها ويندرج تحتها بنسبة ما ، وإلا فإنه سيتهم نفسه ، ويراجع إيمانه ، مثل : (المؤمنون والمؤمنات ، المسلمون والمسلمات ، المصلحون والمصلحات ، المتصدقون والمتصدقات ، القائمون والقائمات ، الراكعون والراكعات ، الساجدون والساجدات ، المخبتون والمخبتات ، التائبون والتائبات ، العابدون والعابدات ، الصائمون والصائمات ، الآمرون بالمعروف والآمرات ، الناهون عن المنكر والناهيات ، الحافظون لفروجهم والحافظات ، الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ، الحامدون والحامدات ، المستغفرون والمستغفرات .. وغير ذلك كثير ) إلا أنه ليس من بينها مسمى \"مطوع\" أو \"مطاوعة\" على الإطلاق .. ما يدل على أنها تسمية محدثة ، ولا تستند إلى أصل شرعي ، بل إنها تسمية خاطئة تماماً . لقد كان المسلمون كلهم يعيشون على وتيرة واحدة من الإلتزام بشرع الله ، بدرجات متفاوته لا تقل في الغالب عن القيام بالواجبات والبعد عن الكبائر والمنكرات ، بل إن منهم من كان يحافظ على قيام الليل وحفظ القرآن ، حتى وإن كان مقيماً على بعض المعاصي البسيطة ، المندرجة تحت اللمم ، رغم إقرارهم بأنهم على معصية ، يخشون الموتى عليها ، ويسعون للتوبة منها . فقد كانت محبة الله ومخافته ورجاء ما عنده متمكنه من القلوب ، وكان الحس الإيماني عالي جداً في القلوب ، من صدر الإسلام إلى ما قبل إنحسار الدعوة ، وتفشي الجهل ، وظهور البدع والخرافات ، وضعف الوازع الديني عند الناس . ولذلك لم يكن هناك حاجة إجتماعية ولا دواعي إيدلوجية تدعو إلى تمييز القائمين بشرع الله عن غيرهم بمسمى \"مطوع\" أو \"مطاوعة\" فضلاً عن أن من يميزهم بطاعة الله فكأنه ينفي عن نفسه هو طاعته لله تعالى . وهكذا كان المجتمع المسلم نسيج واحد إلى أن جاء وقت أبتعد فيه الناس عن الدين بسبب إنحسار الدعوة وقلة المصلحين فتفشى الجهل وظهرت البدع والخرافات .. فقل تبعاً لذلك عدد الملتزمون بالدين الصحيح ، وكان أقل منهم العالمون به والداعون اليه ، حتى أصبح لا يوجد ممن يلم بتعاليم الدين وقراءة القرآن إلا قلة قلية .. وكانوا يتولون تعليم الأولاد القرآن الكريم ومنهم من يقوم بمعالجة المرضى بالقران .. ولما كان هؤلاء بهذه الندرة فقط سماهم العامة الذين يشكلون أغلبية المجتمع في ذلك الوقت سموهم \"المطاوعة\" وسموا الواحد منهم \"مطوع\" بمعنى معلم أو معالج بالقرآن وأنتشر هذا المسمى أو المصطلح بين العامة في الجزيرة العربية ودول الخليج العربي .. أما الآن وقد أنتشر العلم وعم جميع البلاد والحمد لله فينبغي أن يكون له وللمتعلمين والأدباء والمثقفين أثر واضح وتأثير بين في تغيير ما درج عليه العامة من مسميات ، فمن العيب أن ينساق أهل العلم خلف مسميات العوام القديمة ويحاولون تأصيلها وكأنها مسميات شرعية نزل بها القرآن الكريم أو قال بها حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم . ومع أن البعض يحاول في كتاباته الإحاء بأن إسم \" المطاوعة\" قد أختاره هؤلاء القوم لأنفسهم ، وفرضوه على الناس كتعريف لهم ، بينما الحقيقة أن من يُقال عنهم \"مطاوعة\" هم أنفسهم لا يرضون بهذه التسمية التي فرضت عليهم ، وهم يرفضونها من وجوه هي : * أن فيها تزكية لهم ، والله تعالى يقول (ولا تزكوا أنفسكم ، هو أعلم بمن أتقى). * أنها تقال في بعض الأحيان بداعي الإقصاء أو التمييز الديني أو الإجتماعي ، والتمييز بجميع صوره مرفوض إسلامياً من الناحية الشرعية ، ودولياً من الناحية القانونية والنظام العالمي الجديد . وإن كانو يتشرفون بها من حيث معناها ودلالاتها التي تعني الحرص على طاعة الله ، والتعبد له سبحانه على علم وهدى بما شرع ، متبعين للمصطفى صلى الله عليه وسلم غير مبتدعين .. أما التطوع فهو أمر آخر مختلف ، فهو يعني بذل الجهد والمال لنفع الناس وتقديم الخير لهم .. وأهل الخير في هذه الأمة يحرصون على التطوع في سبيل الله .. بما يكفر عنهم سيئاتهم ويصلح لهم آخرتهم .. ولم يحارب التطوع في أعمال الخير في ديار المسلمين إلا أمريكا وأذنابها في العالم الإسلامي بحجة دعم الإرهاب .. والله المستعان على ما يصفون .