*نقلاً عن صحيفة "الجزيرة" السعودية - رجاء العتيبي حتى هذه اللحظة ومن خلال طلائع الأعمال الدرامية المحلية التي شاهدناها خلال اليومين الماضيين, تظل (الكوميديا) في وضع ضعيف يمكن أن يوصف بالمؤسف, وهذا (الأسف) يتضح في أسلوب (الاستهبال) الذي اتخذه الكثير من الممثلين السعوديين طريقة يتكئون عليها في التمثيل. ولا ندري من أين وفدت علينا طريقة (الاستهبال) هذه, ولا من أين تعلمها الممثلون, ولا في أي كتاب فني قرؤوها, ولا من أي أكاديمية استقوها, الأمر الذي يزيدنا في كل مرة دهشة، ولكننا حين نركز النظر قليلا, نرى أنها (حالة ثقافية) تعكس المستوى الفكري للفن الكوميدي المحلي, فالنظرية الفنية تقول: (كلما ارتقى المجتمع ارتقت معه الكوميديا لتصل إلى كوميديا الموقف, وكلما تأخر المجتمع فنيا نزلت الكوميديا فيه إلى تعابير أرجوزية). قد يكون مقدار الوعي الفني بالكوميديا, هي النقطة الحرجة التي على ضوئها تتحدد ملامح الكوميديا في السعودية, ذلك أن الكوميديا هي أصعب حالات التمثيل على الإطلاق, فمن السهل أن تبكي الناس, ولكن ليس من السهل أن تضحكهم. والحل لا يأتي من (تطوير) الأعمال المحلية ذاتها, ومحاولة الارتقاء بها إلى مستويات عليا من التميز, إطلاقا, ليس الأمر كذلك, الحل يأتي من (الجماهير) نفسها, فكلما ارتقى وعيها الفني ارتقت معها -تلقائيا- الأعمال المحلية, فالوعي الجماهيري (عنصر مستقل)، والأعمال الفنية (عنصر متغير), بمعنى أن الوعي الفني للمشاهدين هو الذي يؤثر على مستوى تطور الأعمال الفنية وليس العكس. فإذا كان الجمهور السعودي يضحك من الاستهبال والتفاهة والحركات الأراجوزية فإن المنتجين سيستمرون في هذا النهج, والممثلون سيزيدون من استهبالهم, حتى يتطور الوعي الفني بصورة شاملة, عندها سيختفي هذا الاستهبال، أو (السماجات) كما يسميها الأدب العربي القديم.