الذي أعرفه تماما أن الكوميديا ، إمّا أن تكون كوميديا موقف ، وهي الكوميديا الحقيقية ، التي ينبع فيها الضحك من خلال الموقف التمثيلي ذاته ، بعيدا عن أشخاص الممثلين ، وإمّا كوميديا الشخصية ، أو كوميديا الشخص ذاته ، وهي موهبة وكاريزما كوميدية ربّانية ، لا دخل للممثل بها ، كأغلب كوميديا عادل إمام مثلا ، أمّا كوميديا محمد سعد فلا هي كوميديا موقف ، ولا هي كوميديا شخصيّة ، ولا هي كوميديا من الأساس. كان عادل إمام ، هو الزعيم ، لا على المستوى التمثيلي الكوميدي المذهل ، بل حتى على المستوى الرقمي ، إذ سيطر لسنوات طويلة على أعلى إيرادات لأفلامه ، قبل أن يظهر محمد هنيدي ، ليضرب سقف عادل إمام الرقمي من خلال فيلم في منتهى التفاهة الفنية ، وهو فيلم (صعيدي رايح جاي). جاء محمد سعد ، بعد ضربة هنيدي غير المتوقعة ، فضرب حُمّى إيرادات الأفلام المضروبة بالحُمى أصلا ، لتصل إلى سقف مليوني كبير وواسع ، تجاوز كلّ ما وصلته إيرادات أفلام عادل إمام ، وكذلك هنيدي ، من خلال فيلم هو أكثر تفاهة فنية من فيلم هنيدي بمراحل ، وهو فيلم (اللمبي). مشكلة المشاكل في الكوميديا المصرية ، أنها تحوّلت من حقبة كونها كوميديا حقيقيّة ورائدة على مستوى الوطن العربي ، إلى حقبة كوميديا الاستخفاف والاستظراف والاستهبال ، بفضل مجهودات محمد سعد ورفاقه ، الذين خرجوا إلينا ، في السنوات الأخيرة ، بكوميديا لا تُضحك الناس منها ، بل تُضحك الناس عليها. خفة الدم المصريّة لا تحتاج إلى خفّة ، وهي في الشارع كانت كما في السينما ، وأخرجت لنا عباقرة كوميديا حقيقيين ، من نجيب الريحاني حتى عادل إمام ، فلماذا يُصرّ اللمبي محمد سعد ، على تشويه كل هذا التاريخ الطويل العريض من خفّة الدم ، ب (ثقالة طينة) لا قدرة للطين على حملها.