أشعر بأن علي أن أقفز لأقبل رأسه.. سأفعلها.. سأصنع له كل ما تعلمته من تراثنا في باب «ما جاء في الطلبات»، سأكتب له «معروضا» يسر الناظرين، وسأدبجه - المعروض أعني - بكل عبارات ال «تكفى» و«طلبتك».. سأقذف بقصيدة مدائحية هائلة بوجهه ثم أختمها برغبتي الحقيقية في أن يفعل ما أرجوه.. سأفعل كل ما من شأنه أن يجعله يصمت.. ألا ينتصف الكاميرا ليكون بطلا لا يملك من «السالفة» قيد أنملة. كومة المشاعر الفياضة أعلاه اجتاحتني وأنا أشاهد أحد «نجومنا» التليفزيونيين الذين صنعت نجوميتهم بفعل شح الوعي المحلي وليست جدارته قطعا.. أتابعه وهو يتصنع، لا أعلم ما يقول أو ما يريد، أو ما الذي ينوي أن يوصله لي كمشاهد يمارس حك رأسه ليفهم ما يجري.. مرة يعتصر الكوميديا اعتصارا، ومرة يخنق الموقف الساخر حتى تشعر بأن الموقف سيبكي من فرط ابتلائه.. وأخرى وهو يسحب «العبط» من مرقده ليقدمه لنا.. صراخ وعويل وتصنع يجلب الغثيان ويؤسس لفن بلا طعم ولا رائحة.. بشكل آخر: تهريج مرتديا ثيابا.. «النجوم» البلاستيكية إياهم يتكئون على «الاستهبال» ليقدموا لنا خلطة تدعى مجازا مسلسلا.. لا يفعلون أكثر من هذا. حسنا لم أكتب هذا رغم أن موسم المسلسلات «العبيطة» لم يبدأ بعد! الخميس الماضي كنت على موعد مع ما يمكن أن أسميه كوميديا سعودية حقيقية غسلت شيئا من تجاربي المحبطة التي استمرت لسنوات.. العرض كان على شاكلة stand up comedy أو ما يمكن ترجمته ب: الكوميديا الارتجالية.. المكان كان مكتظا، يشي بتعطش الحاضرين لكوميديا صحية.. كانوا شبابا لا يتخطى أكبرهم عمرا عمر مشوار أحد أولئك «النجوم» الكبار بمسخ الذائقة وتزوير الإبداع.. كانوا يقفون بثقة، لم يرتدوا ملابس رثة، شعر منكوش و«كرشة» ليشرحوا لنا أنهم تقمصوا الشخصية.. ولم تعوج أفواههم كالأراجوزات ليقولوا لنا: نحن ممثلون عظماء. صنعوا شيئا متميزا.. قدموا لنا عملا طبيعيا.. موقفا ساخرا لا «هبل» فيه.. كانوا قريبين منا، بعيدين عن حكايات «ازلق وطيح» كي يضحك الناس. يستحقون القادم الأبهى.. المكان اللائق بهم على خريطة المشهد الفني السعودي المثقوب.