تمثل شركات الطيران في أي بلد من البلدان إحدى وسائل النقل السريع, التي بفضلها يسهل إجراء كثير من المعاملات والتعاملات نظراً لسهولة وسرعة الانتقال من مكان إلى آخر على هذه البسيطة. وتتعدد شركات الطيران في بعض الدول, وهذا التعدد يحدث حالة من التنافس لتقديم أفضل خدمة ممكنة, ما ييسر حركة الانتقال ودقتها, وهذا بدوره يزيد من فرص النمو السليم والازدهار الاقتصادي, إذ من خلال النقل الجوي يسهل عقد الاجتماعات, وترتيب الصفقات, ونقل البضائع بجانب الأفراد, وهذه كلها حركة اقتصادية تسهم في قوة الاقتصاد الوطني. على الساحة الأمريكية, التي درست فيها دراساتي العليا, عرفت فيها كثيرا من شركات خطوط الطيران, بعضها لا يزال قائماً يؤدي دوره بشكل جيد, وبعضها خرج من السوق, أو اندمج مع شركات أخرى, وذلك لأنه لم يعد قادراً على المنافسة في تقديم الخدمة الجيدة التي يتطلع إليها الجمهور. والخطوط الجوية السعودية وإلى وقت قريب كانت الناقل الوحيد في الداخل, وإن كانت لا تزال هي الأهم على الساحة الداخلية نظراً لكبر أسطولها الجوي, والخبرة التي كونتها خلال العقود التي عملت فيها كناقل وحيد دون منافس يهدد وجودها, ويصرف عنها الركاب. خلال مسيرة ''الخطوط السعودية'' لها وعليها كثير من الملاحظات, فكونها الناقل الوحيد يفترض فيها أن تستغل هذه الفرصة وتثبت وجودها من خلال إرضاء المستفيدين, وذلك بتقديم خدمة جيده منضبطة, لكن بعض الممارسات أحدثت كثيرا من عدم الرضا تجاه ''الخطوط السعودية'', ولعل أهم الملاحظات السلبية تأخر مواعيد الإقلاع التي تفوق ما يمكن تحمله من قبل المسافرين. خلال الأشهر الثلاثة الماضية مررت بتجربتين تأخرت فيها ''الخطوط السعودية'' عن الإقلاع, رحلة كانت من جدة إلى الرياض, وتأخرت الرحلة ساعتين, أما الرحلة الثانية فكانت من فرانكفورت إلى جدة, وأيضاً كان التأخير ساعتين, ومع أن قائد الطائرة اعتذر كثيراً إلا أن هذا لا يكفي, ولا يحل ما يترتب على التأخير من مشكلات للمسافرين. تأخر الرحلة يترتب عليه كثير من الإرباك, فبعض المسافرين قد تكون لديهم رحلات أخرى, مما يفوت هذه الرحلات عليهم, ويدخلهم في دوامة البحث عن حجز جديد, واضطراب في المواعيد, كما أن بعضهم قد يكون لديه موعد مع طبيب, أو مقابلة وظيفية, أو عقد صفقة تجارية, أو موعد مقابلة في جامعة, وهذه مصالح يفوتها تأخير الرحلة وعدم الالتزام بالموعد المحدد. كما أن تأخر الرحلات يترتب عليه كثير من المعاناة للعائلات التي تضطر إلى الخروج من مكان سكنها مبكراً التزاماً بالموعد المحدد من قبل الخطوط, وفي التأخير معاناة بالغة حين يكون بين المسافرين مسن, أو أطفال حيث يصعب عليهم البقاء في المطار عدة ساعات انتظاراً لإقلاع الطائرة التي لا يعلم بشكل دقيق موعد إقلاعها. ومع أن ''الخطوط السعودية'' سعت جاهدة إلى تحسين مواعيد الإقلاع إلا أنها لم تحل هذه المشكلة, ولا تزال قائمة, فهل تعمل الخطوط على حل هذه المشكلة وإرضاء المسافرين, والمحافظة على مصالحهم التي تتضرر حتماً بفعل تأخير الرحلات؟ من الملاحظات السلبية أيضاً عدم وجود رحلات مباشرة من مدن كبيرة مثل الدمام أو الرياض, خاصة في بعض الوجهات الدولية, إذ يضطر المسافرون إلى السفر إلى جدة ومن جدة تكون الرحلة الدولية, وفي هذا كثير من المشقة. من الملاحظات التي توقفت عندها كثيراً, ولم أجد لها تفسيراً منطقياً ومقنعاً عدم توظيف واستثمار مطار الملك فهد في الدمام رغم ضخامته وجودة تجهيزاته, إذ إنه لم يستفد منه كما يجب في رحلات داخلية وخارجية, ولو قارن المرء بين الرحلات المقلعة والهابطة في مطار الملك فهد بتلك التي تهبط في مطار المنامة في البحرين لوجد الفرق شاسعاً, ولا مقارنة في ذلك, ذلك أن مطار الملك فهد يعتبر معطلاً, ولذا يضطر كثير من السعوديين إلى السفر من البحرين نظراً لقلة الرحلات من هذا المطار, فهل تفعل السعودية هذا المطار, وتوفر الرحلات التي تسهل على المسافرين من المنطقة الشرقية بدلاً من اضطرارهم إلى السفر من البحرين؟!. الخطوط لديها إيجابيات لا بد من الإشارة إليها فأسطولها الجوي الجيد والحديث, والصيانة الفائقة, وكذلك قائمة الطعام المتنوع, كل هذه تحسب لها, ولا يمكن إغفالها. لكن هذه الإيجابيات قد لا تتضح بشكل جيد نظراً لعدم تعاون بعض المسافرين وأنانيتهم, وعدم حرصهم على الالتزام بالموعد المحدد للرحلة, إضافة إلى عدم العناية بنظافة الطائرة من قبل بعض المسافرين حتى أن البعض يتصرف دون أي شعور بالمسؤولية, أو حتى الحياء, حيث يرمي المناديل والصحف تحت قدميه, وشاهدت مراراً وتكراراً هذه المشاهد المزرية, ومن كان على الرحلة 184 القادمة من فرانكفورت إلى جدة ثم الرياض يشعر بالأسى وهو يرى مناظر لا يمكن أن يقدم عليها من لديه أدنى شعور بالحياء أو الغيرة على الممتلكات العامة.