تركي الدخيل - الوطن - يبدو الجميع مستحضراً للأسماء البريداوية التي تُعبر عن تيارات يمكن أن تكون مختلفة، وقد تصل إلى حد التناقض من عبدالله القصيمي، مروراً بسليمان الصالح الدخيل، وحمود العقلاء الشعيبي، ومحمد العبودي، وعبدالعزيز المسند، وصالح الفوزان، وعبدالكريم الصالح الحميد، وإبراهيم العبيد، وتركي الحمد، وسلمان العودة، وعبدالله الحامد، وحسن الهويمل، وإبراهيم البليهي، وداود الشريان، ومنصور النقيدان، ومشاري الذايدي وغيرهم كثير، هم من الأسماء التي شكّلت حضوراً لافتاً ضمن تيارات فكرية متباينة. خذ مثلاً أحد أبرز مشايخ بريدة الشيخ عبدالعزيز المسند، رحمه الله، فقد كان أول شيخ سلفي ظهر على التلفزيون السعودي في الوقت الذي كان التلفزيون قضية في حد ذاتها، لجهة تحريمه عند معظم المشايخ. عرف السعوديون برنامج المسند التلفزيوني، الشهير بعنوان «منكم واليكم»، وله كثير من المحبين والمتابعين نظرا لأن المسند اشتهر بسماحة المظهر والطرح، وكانت ابتسامته الدائمة خير وسيلة لنفوذه إلى قلوب المشاهدين، وبخاصة وهو يهتم بالشأن الاجتماعي مغلباً الطرح الوسطي في تناوله للأمور. في مقابل إخوان بريدة، الذين كان أبرز رؤوسهم الشيخ عبدالكريم الصالح الحميد، الرجل الزاهد، الذي كان مترجماً في أرامكو، ثم اختار التبتل والزهد، وأصبح يعيش في بيت طين في بريدة، دون أن يستخدم سيارة منذ عشرات السنين. وإن شئت أن تتحدث عن المسرح، فاستمع إلى أحد خبرائه محمد العثيم: "عرفت بريدة المسرح منذ أيام الملك عبدالعزيز، ويذكر التاريخ أن أحد الظرفاء واسمه مضيان أدى عرضا أمام الملك الراحل عبدالعزيز". وفي سياق الأوائل، كان سليمان الصالح الدخيل، أول صحفي نجدي، وهو أسس صحيفة (الرياض) في بغداد في عام 1910. وغير بعيد عن ذلك عبدالله العويد، المعروف بلقبه (طامي) حيث أسس أول إذاعة خاصة في السعودية، مستخدما مرسلة لاسلكية قديمة حولها إلى مرسلة إذاعية على الموجة القصيرة منذ 1961. خذ من انفتاح بريدة ما قد تراه غريباً، فقد كان لنساء بريدة دكاكين يبعن فيها، قبل غازي القصيبي. يقول الشيخ العبودي: "أما دكاكين النساء فإنها عديدة في بريدة أعرف منها في ذلك التاريخ المبكر خمسة في شمال بريدة ولا أدري عن بقية جهاتها الأخرى، ولا يبيح العرف ولا العادة للمرأة أن يكون لها دكاكين بين دكاكين الرجال، وليست لهن دكاكين منتظمة في سوق كما يكون لأهل المهن والصنائع، وإنما تفتح المرأة كما قلنا بابها في بيتها وتكون عندها أشياء قليلة من البضائع المتعددة وغالبها صغيرة، وتكون أرخص مما عند الرجال لأنها أقل والكلفة عليها من المرأة أقل وأكثر ذلك ظهوراً أنها لا تدفع أجرة لدكانها لأنه جزء من بيتها، ويقف الرجال أمام دكان المرأة خارجه من جهة الشارع فيتحدثون إلى المرأة فيما يتعلق بالسلع التي عندها ولا يرون في ذلك بأساً". بل دعك من ذلك ليزداد عجبك عندما تقرأ للعبودي في كتابه (مشاهدات من بريدة) تأكيده زراعة التتن (تبغ الدخان) في أطراف بريدة المكرمة! ففي ص126 يقول "زراعة التتن وهو ورق التبغ كانت شائعة في القصيم"، وينقل قصة عن الأمير حسن المهنا أنه وقف على حياض تتن قرب بريدة، فدعا صاحبها ليأتي لبريدة بغية تطوير مداخيله، فقال الرجل: الأحسن يا أمير إنك تخليني في محلي هذا لأني إن رحت عنه ما جلستوا أنتم يا أهل بريدة ببريدة". ثم يقول العبودي: "وبهذا نعرف أن التتن الذي يراد به هنا ورق التبغ كان يباع في بريدة"! ألم أقل لكم إنها مدينة ولاّدة، وإن شئتم فقولوا عجيبة أيضاً!