عندما تدخل عليه في مكتبه يشع عليك إحساس بالطمأنينة، وعندما يخاطبك فبصوت خافت وبمحيا مبتسم، وعندما يستمع إليك فإنه ينصت ويبقى منصتاً إلى أن تفرغ مما عندك. أما فيما يطرحه عليك فإنه منطقي الفكر كما أنه يسلسل عبارته في منظومة من الكلمات تشدك إلى التمعن والتدقيق في كل كلمة يتفوه بها، يشعرك تلقائياً أنه كما يزن حديثه إليك؛ فيجب أن تحسب لكلامك له كل حساب. صبره عميق وصدره واسع وباله طويل، نادر الغضب، وعندما يغضب لا يبطش؛ وإنما يحرص على أن يوجه غضبه إلى سرعة إزالة أسبابه، يتشبث بالنظام مهما تعقدت المسائل، ولا تأخذه في الحق لومة لائم. يعطي ثقته الكاملة للعاملين معه، وحالما يرى منهم أي تقصير أو تخاذل أو انكفاء فإنه يستبدل بهم من يقوم بالواجب. يأخذ البعض عليه تأنيه في اتخاذ القرار، ومن يعمل معه يعرف أن هذا التأني نابع من حرصه على استقصاء كافة الجوانب للقرار الذي يتخذه. وفاؤه يشهد له الداني والبعيد، وكرمه تعلمه يده اليمنى دون اليسرى. من هو؟ - إنه عمي نايف بن عبد العزيز.. عملت معه ثلاثين عاما وتعلمت منه الكثير وما زلت أتعلم منه. في اشتداد الأزمات كنت أجدهُ الصخرة الثابتة والطود المنيع، لا يرتبك، ويسبر غور الأمور بعظيم إيمانه بالله، ثم قناعته بثوابت الشعب السعودي. وكنت أراقبه في صراحته مع ملوكنا؛ فكان نبراس الصدق في الطرح والثبات، وفي سعة معلوماته وتحسباته. يخجلني بتواضعه الجم؛ فكلما دخلت عليه، وأنا أصغرُهُ مقاما وسنا، فكان يفز قائما ويبادر بقوله «أهلا يا سمو الأمير». أحبه لصفاته هذه وأهنئ نفسي والشعب السعودي لتبوئه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وأقول بملء الفم للصديق قبل العدو: «إِنه الرجل المناسب في المكان المناسب».