لم يتوقف أستاذنا الجليل محمد صلاح الدين عن الكتابة ، ولم يتخل في يوم من الأيام عن مسئوليته ككاتب مستنير ، وظف قلمه للحق والعدل في خدمة دينه ووطنه ، ولم يغب عنا أثناء علاجه في التخصصي لأنه دوماً في وجداننا . لقد تشرفت بمعرفته منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ، عندما حدثني عنه العم العزيز عبدالعزيز الرفاعي أسكنه الله جناته وأكد لي أنه من الأصدقاء الأوفياء ممن بقي من الرجال وممن لا تأخذه في الله لومة لائمة ، وهو ممن يمثل بحق الاعتدال والوسطية في كل أقواله وأفعاله ، وهكذا عرفنا أبا عمرو قليل الكلام ، فلا يتحدث إلا إذا طلب منه الحديث ، من الشاكرين دوماً لنعم الله وفضله «وقليل من عبادي الشكور» . وأذكر قبل ربع قرن أني كنت أدرّس إحدى المواد في جامعة أم القرى ونصحت الطلاب والطالبات باقتناء كتاب دايل كارنيجي « دع القلق وابدأ الحياة» ترجمة عبدالمنعم الزيادي ، ونفدت الكمية المتوفرة في إحدى المكتبات في مكة ، فأوصيت أستاذنا شافاه الله بالبحث عنه ، وأشعرني بتوفره في إحدى المكتبات في مجمع تجاري أمام مستشفى فقيه وبأقل تكلفة من سعره في مكة ، بعدها بعام طلبت مائة وعشرين نسخة إضافية وعندما عرف أن الهدف من إقتناء هذه الكمية لتوزيعها على الطلاب والطالبات مجاناً أبى إلا أن يساهم في هذا الأمر فكان التخفيض مجزياً للغاية وبعث بالكتب إلى مكة ليوفر عليَّ عناء المجيء بنفسي لاستلامها . واليوم يتلقى أبا عمرو العلاج وتوقفت عنا ما أسميه « الامدادات» التي كانت تصلنى ثلاث مرات في الأسبوع على منزلي وربما تصل غيري من الزملاء مشتملة على قصاصات مما كتب في الصحافة العربية والعالمية ، فلا يختار أو يضع أنامله إلا على ما يستحق بالفعل التوقف عنده ، وتشمل الإمدادات إهداءات من الكتب ترسل من خلال مكتبه أو كتاب تم نسخه لندرته ونفاد طبعته ، وفي بعض الأحيان قصاصات حول ما تتناوله بعض المواقع الالكترونية أو تسجيل لبعض ما يعرض في الفضائيات . إن عشقه لمهنتة الصحافة تجعل مختاراته ذات قيمة بالفعل وهي أشبه ما تكون بالملف الصحفي أو الإعلامي ، وإذا كان هناك قول موجز أو خلاصة فكرة استخدم قلمه للتأشير عليها ليضع تحتها خطاً وقد تكون أرقاماً إحصائية أو غيرها ، فإن كان هناك خلل أشار إليه بقلمه ويندر جداً أن يعلق على ما يقرأه وإنما يكتفي بالإشارة ، واللبيب بالإشارة يفهم . ومن سجايا ( أبوعمرو ) أدبه الجم ويتجسد ذلك في حواره مع الآخرين وبالرغم من حلمه المعروف إلا أن غيرته الدينية تطغى في بعض الأحيان ويلاحظ ذلك عندما يكون الحديث عن سياسة الرئيس جورج بوش حيث يلاحظ نقده الممزوج بغضبه من جراء ما يتخذ تحت ذريعة مكافحة الإرهاب . وبعد... فإن آمالنا في الله لا حد لها ونرجو المولى سبحانه أن يسبغ على ( أبوعمرو ) ثوب الصحة والعافية ويعود إلينا ليواصل الركض وليكمل مسيرة الخير ورسالة النبل ، وكل محبيك في شوق إليك ، وقد منحت بعض الوقت للاستراحة الجبرية ، وقد آن الأوان للعودة ، طبت يا أبا عمرو وطابت أيامك. [email protected] فاكس026980564