هاني الظاهري ليس هناك شيء أبشع ولا أكثر إيلاماً لأي مجتمع من المجتمعات في هذا الكوكب من وباء الفقر.. هكذا بكل بساطة يمكننا أن نسميه وباءً, فهو لا يختلف كثيراً عن الأوبئة التي تخلف أضراراً لا تنتهي بين عشية وضحاها. في مجتمعنا كبقية المجتمعات هناك مَن عبث بهم الفقر وانتهك آدميتهم دون رحمة وباتوا بحاجة ماسة إلى من ينقذهم من هذه المأساة التي تحتاج إلى أن يسهم أبناء هذا المجتمع بجميع فئاتهم في كل ما من شأنه أن يخرجهم منها. وبالطبع جهود الجهات الرسمية والجهات الخيرية لن تكفي وحدها لمواجهة معركة الفقر.. فالمجتمع بحاجة إلى التكاتف الحقيقي مع هذه الجهات بكل ما يستطيع لدحر ذلك الوباء. أكتب هذا بعد أن سعدت عندما تلقيت تقريراً على بريدي الإلكتروني من الصديق والإعلامي المهموم بوطنه وإنسانيته طراد الأسمري، يتضمن مبادرة من إعداده تحت عنوان (المبادرة الوطنية للتكافل الفكري ضد الفقر), وهي مبادرة عظيمة بحق وتستحق أن أقف لها احتراماً قبل أن أشيد بجهود معدها في هذا المجال, فقد حمل هذا الرجل على عاتقه منذ فترة طويلة هم مجتمعه, وأتذكر أنني كتبت سابقاً عن الفيلم الوثائقي (راتبه ألف ريال) وهو فيلم من إعداده وإخراجه عن ظاهرة الفقر في السعودية. والمبادرة التي يطرحها الأسمري اليوم تراهن على أن الفكر يستطيع أن يكون سلاحاً أساسياً في معركة مكافحة الفقر, حيث تطرح المبادرة الوطنية للتكافل الفكري ضد الفقر مسابقة فكرية تنموية يشترك فيها جميع أبناء الوطن من الشرائح كافة وتستمر لمدة ثلاثة أشهر بحيث تستقبل من المواطنين الأفكار والمقترحات للبرامج التنموية والاجتماعية التي من شأنها أن تسهم بشكل فاعل في معالجة الفقر بحيث تكون هذه المبادرة حجر الأساس لبناء أول (بنك معرفي) سعودي يحتوي على مقترحات وأفكار خلاقة تسهم في علاج مشكلة الفقر وتحد من آثارها. على أن يتم الوصول من خلال هذه المبادرة إلى 1000 فكرة خلاقة للإسهام في علاج الفقر, مع حفظ كامل الحقوق الأدبية لأصحاب الأفكار والمقترحات. وسيتم استقبال الأفكار وفرزها ومعالجتها عبر الموقع الإلكتروني www.fkrah.net تمهيداً لاختيار أفضل 1000 فكرة لمعالجة مشكلة الفقر. أما معايير تقييم هذه الأفكار فتتمثل في (الأثر, الوضوح, الجدوى, الفعالية, الأصالة والابتكار, الاستدامة, والمشاركة). وستكون هناك حملة إعلامية واجتماعية كبرى وعبر جميع قنوات الاتصال لإيصال هذه المبادرة إلى جميع أبناء الوطن ودعوتهم إلى المشاركة بأفكارهم في إنقاذ مجتمعهم من مشكلة الفقر. إنني متفائل بحق بهذه المبادرة وأعتقد أنها خطوة كبيرة ورائعة باتجاه معالجة الفقر في مجتمعنا, وكم أتمنى أن تحظى المبادرة برعاية من الجهات الرسمية وجهات القطاع الخاص التي تستشعر مسؤوليتها تجاه هذا المجتمع. ولأنني رجل حريص على الإسهام بأي شيء في مبادرة وطنية كهذه فقد كتبت لكم اليوم عنها لأدعوكم إلى دعمها بأفكاركم والعمل على حث معارفكم وأصدقائكم على الإسهام فيها, وبورك مجتمع ينهض بفكر أبنائه, فقد قيل: "علمني الصيد خير من أن تعطيني سمكة"، والفقراء في هذا المجتمع بحاجة اليوم إلى أفكاركم التي تنتشلهم من الفقر قبل صدقاتكم.