خلال اليومين الماضيين نشرت الصحف العديد من المقالات حول توظيف الجنس في الروايات السعودية واختلف الكتاب حول قضيتين أساسيتين الأولى تتعلق بحرية النشر وحدود الرقابة، والثانية تتعلق بمصداقية الصورة التي يمكن أن تعكسها هذه الروايات عن المجتمع السعودي. معظم الروايات التي يختلف حولها الكتاب روايات ضعيفة فنيا صدرت لأن كتابها قاموا بتأليفها بحثا عن الشهرة وناشروها أصدروها دون تدقيق فني موضوعي في غمرة بحثهم عن أعمال جريئة تتحدث عن هذا المجتمع المحافظ الغامض الذي أصبح فجأة تحت دائرة الضوء. والضعف الفني للرواية يضعف قضيتها خصوصا أن الجنس هنا يحضر بصورته التجارية الفجة التي تكشف تهافت المؤلف على الشهرة وتهافت الناشر على زيادة المبيعات. ولو دققنا في الأمر لوجدنا أن هذه الروايات لم تحقق أدنى نجاح يذكر باستثناء واحدة أو اثنتين، كل ما هنالك أن خصوم هذه الروايات الفاشلة الذين يرون في صدورها مؤشر انفلات اجتماعي يشترون هذه الروايات ويهاجمونها في الصحف والانترنت فيذيع خبرها ويصبح مؤلفوها (معظمهم لا يتمتعون بموهبة حقيقية) أبطالا بين ليلة وضحاها ويحصلون على شهرة مؤقتة.. وهذا هو أقصى طموحهم!. إنها صفقة عادلة وطريفة بين مؤلفي هذه الروايات ومعارضيها المحافظين: فالمؤلفون يحصلون على الشهرة والبطولة الوهمية والحوارات الصحفية والمعارضون المحافظون يجدون فيها مثالا صارخا للصورة التي يمكن أن يكون عليها المجتمع فيما لو خرج عن الطريق الصحيح، وخلال مداولات هذه الصفقة تضيع قضيتان أساسيتان الأولى منهما، أن هذه الأعمال ليست أعمالا روائية تحمل الشروط الفنية التي تجعلها جديرة بالاحترام، والثانية أن مجتمعنا ليس خاليا من العيوب فاخبار حوادث الاغتصاب والخطف والشذوذ تملأ صفحات الجرائد كل يوم. لا أحد يقدم دعما مهولا لهذه الروايات الرديئة سوى خصومها فهم الذين يشترونها وهم الذين يقراونها صفحة صفحة للبحث عن السطور الملتهبة وهم الذين يهاجمونها حتى يصبح مؤلفوها أشخاصا مشهورين تبحث عنهم الصحف والفضائيات كي يردوا على هذا السيل العارم من الاتهامات الموجهة ضدهم. في كل عام تكون ثمة رواية سعودية واحدة تستحق القراءة من بين عشرات الروايات التي تصدر سنويا، وفي كل عام تكون هناك عدة روايات لأشخاص لم يكن لهم أي نشاط أدبي من قبل يحشدون فيها مشاهد جنسية غير مبررة فنيا بحثا عن الإثارة والشهرة والانتشار ويكون لهم ذلك.. بفضل خصومهم!.