أثارني كثيرا حديث وزير العمل الدكتور غازي القصيبي قبل عدة أيام عندما شبه الحرب على السعودة من القطاع الخاص حسبما فهمت بأنه أشبه بالحرب الصليبية شاكيا من الهجوم الذي تتعرض له الوزارة من قبل القطاع الخاص ووسائل الإعلام .. ولا أعلم اذا كان لدى الوزير القصيبي دراسات عن عدد الخريجين من الجامعات السعودية وفق النمط الذي كان سائدا في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات ولا تزال بعض الجامعات تتبناه دون النظر الى متغيرات سوق العمل واحتياجاته معللة ذلك بأنها ليست مسؤولة عن تأهيل الطلاب لسوق العمل وأن ذلك يقع على عاتق القطاع الخاص وعليه أن يتولى عملية التدريب والتأهيل بينما يرد القطاع الخاص بأنه مؤسسات وشركات ربحية تبحث عن كوادر مؤهلة ومدربة وجاهزة بالكامل ولديها الخبرات أيضا .. وهذا هو المستحيل .. فأما ما عنيته من نمط تقليدي لمعظم الجامعات فهو أنها لا تزال تخرج أعدادا كبيرة من طلاب الأقسام النظرية او الأدبية التي تشبع السوق السعودي منها ولم يعد في حاجة إليها مثل الجغرافيا والتاريخ واللغة العربية والإعلام وغيرها من الأقسام التي لا يجد خريجوها وظائف نظرا لمحدودية الوظائف لهذه التخصصات وبالتالي فإن الجامعات من حيث تعلم أو لا تعلم هي تسهم في إفراز البطالة وزيادة نسبتها .. وأعتقد ان على وزارة العمل أن تتبنى سياسة تعاونية وطنية شاملة مع وزارت التعليم العالي والتربية والتعليم والإعلام وغيرها من الوزارات المعنية لإعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بحاجة سوق العمل ومخرجات التعليم لتحقيق الانسجام والتوافق بينهما وتقليص عدد المقبولين في الأقسام النظرية التي اشرنا إليها الى أقصى حد ممكن وتوجيه الطالب إلى الكليات والتخصصات التي تتناسب مع حاجة سوق العمل وهذه الاحتياجات هي متغيرة من وقت إلى آخر .. وما حديث الوزير عن حجم العاطلين الحالي إلا مقدمة لمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات القادمة إذا لم تكن هناك خطوة جريئة ومنسقة بحيث يسهم الإعلام الوطني في شرحها وتفسيرها .. وأما أن تظل وزارة العمل تحارب بمفردها لتحقيق المعجزة فأعتقد أنها لن تستطيع وعليها البحث عن استراتيجية أخرى خلاف تغيير مفردة السعودة الذي لن يفضي إلى نتيجة طالما ظلت الاستراتيجية على حالها دون تغيير.