يقول الدكتور عبدالواحد الحميد في كتابه القيم "السعودة أو.. الطوفان" والصادر عن مؤسسة اليمامة في 1425ه - كتاب الرياض 122: "ان العديد من الدول النامية، ومنها المملكة على سبيل المثال تعاني من غلبة التعليم النظري في معاهدها وجامعاتها، الأمر الذي أدى إلى وجود بطالة هيكلية، لأن المهارات المطلوبة في السوق تختلف عما تقدمه الجامعات والمعاهد من مخرجات". وهكذا فإن الدولة أو القطاع الحكومي يقوم بتوظيف خريجي هذه التخصصات سواء كانت نظرية أو علمية غير مطلوبة، وبغض النظر عن الحاجة أو الانتاجية. ويؤدي هذا في المستقبل المنظور إلى تفاقم مشكلة البطالة المقنعة التي تعني أفراداً يحتلون بعض الوظائف المهمة لكنهم لا ينتجون شيئاً له قيمة أو أن له قيمة سالبة. وقد كثر الحديث عن علاقة الجامعات والمعاهد بسوق العمل، ومدى تفاعلها مع هذا السوق لتأهيل الخريجين للعمل في القطاعين الحكومي والخاص. ومن أجل أن تصل الجامعة أو المعهد إلى تحقيق أهدافهما في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، لابد أن يشاركا المجتمع اهتماماته، وأن يسهما في التنمية الشاملة لهذا المجتمع. وقد وضعت استراتيجيات لتطوير وتنمية القوى العاملة السعودية وسعودة الوظائف والأنشطة. وأعدت الأمانة العامة لمجلس القوى العاملة (سابقاً) استراتيجية تغطي فترة خمس وعشرين سنة ( 1420- 1445ه). وتتضمن هذه الاستراتيجية عدداً من الأهداف، من أهمها ما يلي: - تحقيق المواءمة بين مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية واحتياجات سوق العمل. - الحد من العمالة الوافدة وترشيد استخدامها. - تحقيق التكامل في مجال التخطيط للقوى العاملة وتطويرها. - ايجاد قواعد متكاملة لمعلومات سوق العمل. - تحسين مستوى انتاجية القوى العاملة الوطنية وتهيئتها لمواكبة التغيرات التقنية. - الاستغلال الأمثل للقوى البشرية. - غرس وتكريس مفاهيم الانتماء والمواطنة وقيم العمل في المجتمع السعودي. وقد تم وضع آليات وموجهات للعمل مع التركيز على الخريجين من الجامعات بشكل خاص ومنها ما يلي: - توجيه سياسة القبول في الجامعات وترشيدها بما يتفق ومتطلبات التنمية ومتغيرات سوق العمل وتطوير البرامج والمناهج والنظم التعليمية الجامعية بناء على ذلك. - إعداد برامج لتدريب أو إعادة تأهيل الخريجين الذين لا تتناسب مؤهلاتهم مع فرص العمل المتاحة. ومع أن الجامعات هي البيئات المثالية لتطور المعرفة وتخريج المتخصصين المؤهلين في النواحي النظرية أو العلمية، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض التخصصات لا تجد لها سوقاً للعمل سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. والواقع ان تنمية القوى البشرية تتطلب الإنفاق بسخاء على التعليم الجامعي وكذلك التدريب. لكن الانفاق وحده لا يكفي، ومن الضروري اختيار التعليم المناسب الذي يؤهل الخريجين للعمل بكفاءة، بالإضافة إلى التدريب الذي يسمح للخريجين بالتنافس من أجل إنتاج افضل. اننا نحتاج إلى تطوير وتنمية طلاب الجامعات عن طريق التعليم المجدي الذي يطور قدرات الإنسان، ويلبي احتياجات السوق في عصر العولمة، التي تتطلب مزيداً من الكفاءة والفاعلية، وخاصة من النواحي الاقتصادية. والله ولي التوفيق.