هل من زنى يزنى به من بناته أو أخواته، وإذا كان الجوب بنعم فما ذنب البنت أو الأخت الطاهرة البريئة؟ وهل تعاقب بسبب ذنب غيرها والله سبحانه وتعالى يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى.."، علماً أنني قرأت أقوالاً تنسب إلى بعض العلماء مثل الإمام الشافعي تؤيد هذا الأمر وتؤكده.. أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: القول بأن الزاني يعاقب عقوبة دنيوية بوقوع الزنا في أحد محارمه غير مسلَّم مطلقًا لما يلي: الأول: أن هذا يخالف النصوص الشرعية التي قصرت العقوبة على الجاني، وأنه لا يتحمل أحد وزر أحد "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، سواء في الزنا أو في غيره. الثاني: أن عقوبة الزاني العاجلة في الدنيا بينتها بعض النصوص بصورة واضحة (الرجم- الجلد- التغريب)، كما بينت نصوص أخرى عقوبته في الآخرة إذا لم يتب، وإضافة عقوبة أخرى لم يرد بها النص غير جائز. الثالث: أن هذا الأمر كما هو غير مسلَّم شرعا فهو غير مقبول عقلا، إذ هو يقتضي أن الزاني الأول سيعاقب بأن يسلط شخص يزني بابنته، وتطبيقا لهذه القاعدة لابد أن يأتي شخص يزني بابنة هذا الزاني الثاني، ثم هذا الزاني الثالث سيعاقب أيضاً برابع يأتي يزني بابنته، ثم الخامس كذلك والسادس، وستسمر هذه الجريمة تتعاقب على مدى الدهر، وإلا اختلت القاعدة، وهذا لا يقول به عاقل. الرابع: أن المعروف في الشريعة أن الأولاد يستفيدون من أعمال آبائهم الصالحة، لا أن يتضرروا من أعمالهم السيئة، يدل لهذا قول الله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ" [الطور:21]. ويقول تعالى: "وكان أبوهما صالحا" وهذا هو المناسب مع كرم الله وعظيم عطائه، أما العكس فلا يستقيم شرعاً ولا عقلاً. وما ينسب إلى بعض العلماء الأفاضل، فلا بد من التثبت من صحته أولاً، وما أكثر ما يروى عن بعض علمائنا وهو لا يصح عنهم، وينسب إليهم وعظا وتخويفا، لأن بعض الناس لا يرتدع إلا بمثل هذا الوعيد، وعلى كل حال، فالمرجع هو النص الشرعي، وهو الحاكم على ما سواه. والله أعلم.