أكد الكاتب حامد بن عقيل في حواره مع (عناوين), أن الفن لا يمكن محاكمته بدقة، مرجعا ذلك إلى عدم وجود قواعد صارمة ومحدّدة متفق عليها، وأشار إلى أن الجوائز الأدبية في عالمنا العربي لا تخلو من (فساد)، معتبرا أن من يفوز بالجائزة ليس دائما هو الأجدر بالفوز. وحول روايته (الرواقي) التي صدرت مؤخرا، أشار بن عقيل إلى أنه صنع عالما حيويا أراد له أن يتدفق خارج إطار النص، وأنه استخدم حيلا مجدية للتحريض على المتعة والمعرفة معا. حول تجاربه النقدية والإبداعية، ورأيه في الرواية السعودية المعاصرة، والعديد من القضايا؛ حاورته (عناوين)، وإليكم نص الحوار: • صدرت روايتك الأولى بعد مسيرة شعرية.. هل هو انتصار ل "زمن الرواية", أم رغبة في اقتحام فضاءات إبداعية جديدة؟ لم أعد مؤمنا بالجنس الأدبي، التجنيس الأدبي مُدان حتى في كتابي (الرواقي) الذي وصفته من داخله بأنه: "هوس الكتابة التي تهرب من قيد التصنيف الجائر ومن أغلال المسميات البائتة". لهذا، وبشكل مبدئي، لا أرى مشكلة في طرق أكثر من شكل كتابي، ليقيني في أن الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية بدأت في التداعي, بشكل حالي، أي لو أنني فعلا كاستجابة لما هو سائد الآن خاضعٌ للتجنيس ومؤمن به، سأقول لك: إن (الرواقي) جاءت لقول ما لم يستطع قوله الشاعر أو الناقد!. الرواية نصفُ متعلم ونصف عاقل ونصف ثرثار. الشعر لا يحتمل القول الفائض، كما أن التنظير والتطبيقات النقدية التي مارستها في ثلاثة كتب تركت في داخلي شيئا لم أستطع إيضاحه، لأن النقد مؤطر بشكل صارم. بقيت تجربتي في كتابة (سيرة افتراضية) التي جاءت في ثلاثة كتب، عندما أفكر في تلك التجربة أقول لنفسي: ربما كنتُ أكتب بيدي اليسرى استعدادا لكتابة (الرواقي). ليس في الأمر أي انتصار لزمن مُتخيلٍ ورديء اسمه زمن الرواية، لك أن تعلم أنني كنتُ أقاوم خجلا ما سأسميه مجازا خجل السرد، عندما كنتُ بصدد كتابة (الرواقي)، لكنني قاومتُ هذا الخجل بممارسة لعبة تخيلية, وهي الاقتناع بأنني أكتب استجابة لأسباب دنيوية بسيطة, منها أنني أريد أن أجرب القصّ، ومنها أن أضع نفسي مكان من كنتُ أنتقدهم في كتاباتي بلا هوادة، بعد إنجاز (الرواقي) اكتشفتُ أنهم كانوا أفضل منّي بكثير، على الأقل كانت لديهم الجرأة لكشف صدورهم أمام نيران النقد التي ليست صديقة على أية حال.
• في (الرواقي) يسيطر الكاتب على الكتابة، فيخرج من بين ثنايا النص ليتحدث عن ذاته، بل عن روايته التي يكتبها.. هل فضّلت استخدام هذا الأسلوب لتتاح لك الفرصة بشكل أكبر للحديث عن شجون متفرقة دون الالتزام بزمان أو مكان ما؟ هذا الأسلوب ليس جديدا، ولا يأتي للتنصّل من عنصري الزمان والمكان, فقط كنتُ أنسجُ نصا أتخيله بثلاثة ألوان أو أكثر، أسلوب الكتابة الذي اخترته يسمح لي بإلقاء نظرة إلى الوراء كلما شعرتُ بالسأم، كنتُ القارئ الأول داخل النص ومن خارجه، لهذا فإن ما قاله بعض أصدقائي عندما اطلعوا على النص بعد طباعته, كان يُجمع على أنه نص لا يُشعرهم بالضجر. هذا لم يكن مفاجئا بالنسبة لي، وعلى أهمية هذه الملاحظة, إلا أنها ليست الضامن الوحيد لنجاح كتابة السرد, هناك أزمنة وأمكنة عديدة تحاول خلق عالمٍ ممكن ومتخيلٍ، وأن يكون قادرا على حمل رؤية تجعل من وجود هذا النص وجودا مشروعا.
• هل لاختيار (الرواقي) كعنوان للرواية علاقة بالحديث عن الذات، وهل شكلت النماذج التي اشتغلت عليها كناقد عرقلة لكتابتك الرواية؟ لديّ اهتمام خاص جدا بالعناوين، إنها الجملة الدلالية الأولى التي تسهم كثيرا في بناء التوقعات لدى القارئ، وهي جزء من ميثاق القراءة لأي نص, لكنني أنظر إلى النص، سواء الذي أكتبه أنا أو الذي أقوم بقراءته نقديا، على أنه خطابٌ من أهم سماته ارتكازه على السلطة ممثلة في الإيحاء, وعلى المعرفة ممثلة في المحتوى. النص ليس طريقة تعبيرية أو تجليا واعيا للذات، لهذا لا يمكن أن يكون أي نص ممثلا أمينا لذات كاتبه, إلا حين يشيرُ الكاتب إلى ذلك بطريقة مقصودة لا لبس فيها، كأن يُصنِّف عمله على أنه سيرة ذاتية، أو أن يمهد لكتابه بمقدمة توضح أن ما يقوم بسرده تجربة ذاتية واعية، وهذا ما لم أقله لا على غلاف الرواقي ولا في مقدمته. أما بخصوص النماذج الروائية التي اشتغلتُ عليها في كتابين نقديين سابقين, فإنني كنتُ أجرّب بوعي رعب المرور فيما تم إنجازه من قول، حتى من خلال الروايات التي قرأتها ولم أكتب عنها، لأصل إلى لذة القول للمرة الأولى وبطريقة مختلفة. النصوص التي يشتغل عليها الناقد نصوص مُستهلكة بالنسبة إليه، لهذا عندما يحاول أن يحاكيها، لو افترضنا أن هناك رغبة في المحاكاة، فإنه سيفشل، لأنها لم تعد نماذج أعلى أو نماذج أقل، لقد تحوّلت إلى خبرة لا بد من عبورها للوصول إلى ضفة أخرى مختلفة كليا. لأدلّل لك على ذلك، كنتُ أتمنى أنني لم أتوقف عن سرد (الرواقي) لأنني كنتُ أستمتعُ بكتابته, متظاهرا بتقليد كاتب لا وجود له! وكذلك لأنني لم أُطلع أحداً على فكرته, إنه الكتاب الذي لم يكن مطلوبا ولا متوقعا من أحد, وكنتُ أكتبه متحررا من فكرة أنه قد يرى النور يوما. • تسيطر اللغة (الشاعرة) أو (الشعرية) على أسلوبك الروائي.. هل لأنك قادم من فضاء الشعر، أم رغبة في استخدام تراكيب لغوية متفردة؟ أنجزتُ ثلاثة دواوين شعرية، وثلاثة كتب نقدية، وثلاثة أجزاء من سرد مرتبك وخاص اسمه (سيرة افتراضية)، ماذا أتوقع من الكتاب العاشر؟ أتذكر أنني قلتُ وأنا أقرأ (الرواقي) بشكله النهائي: لا بد أنني وصلتُ إلى وضعية مثالية إلى حد ما لأكتب بهذا الشكل. لم أكن حينها أفكر في اللغة ولا في المحتوى، كان كل ما أفكر فيه أنني صنعتُ عالما حيويا أردتُ له أن يتدفق خارج إطار النص، أن يضمن لنفسه البقاء لسنوات قادمة. لم أكن أركز على اللغة، فقط أردتُ صناعة (حيل) مجدية للتحريض على المتعة والمعرفة معا من خلال ولعي الخاص بالقصّ. ما تسألني عنه هنا من الأفضل أن تسأل عنه ناقدا آخر، لأنني، بالفعل، لا أدري إن كنتُ قد تورّطتُ في الشعرية أم لا؟ ولا أدري ما حدود هذا التورط؟ ولا وظيفته؟ كل هذه التساؤلات ستأتي الإجابة عنها على يد ناقدٍ آخر، ربما.
• ما بين المبدع والناقد ميادين ينتصر فيها كل من الطرفين لرأيه.. أين ترى نفسك أكثر, ولأي الجبهات تنتمي؟ اهتماماتي الأولى بالسرد كانت عائدة إلى أنه موضوعٌ للتأمل, حين كتبتُ عن روايتين أخريين، مع العلم أن لدي مسودات عديدة لقراءات نقدية مطولة حول نصوص روائية أخرى، فإنني كنتُ أعمل على نماذج أعتبرها في البدء أساسية، ثم في النهاية تتحوّل إلى موضوعات مُستهلكة. إن تواصل دراسة نص روائي لقرابة ثلاثة أعوام كما حدث في (فقه الفوضى)، أو لعامين كما حدث في (إله التدمير)؛ فإن هذا يعني أنك تتحرّر من نصوص أساسية لأنك تستهلكها إلى أقصى حدّ، بعد ذلك تجد أنك تنحاز إلى المبدع أكثر من الناقد. بشكل أدق، النقد التأويلي جعل منّي قارئا نموذجيا أكثر من كوني ناقدا, لهذا اقتربتُ أكثر من كتابة (الرواقي)، وأردتُ أن أطبِّق عليه ما تعودته من كوني قارئا نموذجيا، حاولتُ ذلك بعد طباعة النص، لكنني أحتفظ بالنتائج لنفسي. انتصر الناقد بعد أن خرج النص عن السيطرة، بعد أن وصل إلى الناس، وهو انتصار جزئي لأنه لا يؤثر فيما تم إنجازه. أتخيل أن ناقداً ما سيعمد، في خطوة غير مسبوقة، حين يستجيب لحاسته النقدية, إلى طباعة روايته طبعة جديدة مكتوبا على غلافها (مزيدة ومنقحة). ليس في الأمر هنا أي سخرية، لكنها الحقيقة، لا بد أن يُطل الناقد برأسه، وحين تكون هذه الإطلالة تالية لطباعة النص, فإنها لا تعود مؤثرة، وإن كانت مؤلمة. ما يدريك عن النتائج التي توصلتُ إليها بعد قراءة (الرواقي) مطبوعاً؟، قد تكون نتائج مميزة، أو مخيبة لتطلعاتي، لكنها ستبقى أبدا: خاصة وسريَّة.
• يحتمي الناقد في تخوم المدارس النقدية والأسس الأكاديمية للنقد، ويبرّر المبدع كتابته بأنها (المعنى في بطن الشاعر).. ألا يعاني الناقد والكاتب في الوقت ذاته صراعا داخليا قد يجعل إبداعه مطلا من بين أسوار المدارس النقدية؟ هذا حكم جاهز يعتمد عليه كل من يعرف السيرة الذاتية للناقد الذي حاول كتابة نص سردي، إنها الحكاية المدهشة والمكرّرة. لا يمكنني هنا اقتراح أي بديلٍ لهذه الحكاية، الأمر أشبه بحكاية نجارٍ كتب قصيدة لأول مرة، لا بد أننا سنتوقع، في ظل معرفتنا بطبيعة مهنته، وجود الأبواب والشبابيك وأدوات النجارة داخل نصه المتهم مُسبقاً! بعضنا، كما حدث معك الآن، سيتخيل صراعا داخليا حول رغبة هذا النجار في إضافة مفردة (أخشاب) لقصيدته, لكنه يخشى أن يتهمه القراء بالخلط بين مهنته وبين كتابته الإبداعية! الأمر بالنسبة لي أنني وجدتُ في النقد فاكهة محرمة كما قد يجد النجار في مفردة (أخشاب) فاكهة محرمة، لكنني بهذا الوعي تجاوزتُ الأمر. ماذا لو قال النجار: سأستخدم هذه المفردة حتى لو اتهموني بضيق الأفق, ثم وجد في استخدامها متعة ما، أي كان صادقا في استخدامها دون تلفيق، هل سنستمر في سؤاله عن الصراع الداخلي الذي اعتراه وهو يكتب قصيدته متجاهلا الظنون السيئة؟ أظن ذلك، فقط حاول أن تكتب واترك الحكم للبقية. هذا ما أعتقد أنني كنتُ مؤمناً به وأنا أكتب (الرواقي), حينها، ربما كنتُ نجارا واعيا، وربما لا.
• كيف ترى الرواية السعودية الآن, وإلى أين تذهب؟ قبل طوفان الرواية السعودية كتبتُ مقالاتٍ عدّة، كان أهمها: (الرواية السعودية بين الحكواتية والتعريفات المدرسية), الذي لقي انتشارا واسعا في حينه، واستجلب ردود أفعالٍ كثيرة. كنتُ من أوائل من استجابوا للآلة الإعلامية التي تبحث عن الإثارة أكثر من بحثها عن الحقيقة، لكنني عبرتُ بصدق، وبقسوة أيضا، عن آراء لا يمكنني اليوم أن أعبِّر عنها لاعتبارات عدة، أولها: أنني لم أعد قادرا على وضع نفسي موضع القاضي وإصدار الأحكام النهائية، والجائرة، على الرواية السعودية، وثانيها: أنني بتُّ أخشى (اللؤم) الإعلامي الذي يسعى إلى استهلاك هذه الآراء وإخراجها عن مقاصدها، وثالثها: أنني بتُّ على يقينٍ أن الفن لا يمكن محاكمته بدقة لعدم وجود قواعد صارمة ومحددة متفق عليها. كنتُ أظن أن الشعر وحده يستعصي على التقعيد, حتى على مجرد الاتفاق على تعريفه، مؤخرا، وبعد تخليَّ عن الانحياز لفن النخبة, أي الشعر، بدأتُ أشعر أن الفن بعمومه ليس أكثر من حالات خلق متعددة وعصية على وضع القواعد الجائرة, لهذا اتجهتُ إلى النقد التأويلي، ليس لمجرد التنظير، ولكن للأخذ بيد القراء ليكونوا قراءً من ذوي الفاعلية في قراءة وإعادة إنتاج النصوص. أيضاً، النصان الروائيان اللذان درستهما بشكل موسَّع كانا محليين، الأول أنتج عام 1996م, والآخر 2005م، وهما ممثل أمين لما تمر به روايتنا من قدرة على خلق فضائنا الخاص والتعبير عنّا بأساليب مبتكرة, كما أن هناك تجارب روائية عديدة وشابة تتجه بروايتنا المحلية نحو النضج، وتفرض وجودها في العالم العربي, من خلال كونها مقروءة، أو في العالم من خلال الترجمة.
• على الرغم من حالة الصخب التي تصاحب الرواية السعودية في الآونة الأخيرة، إلا أن أيا منها لم يفز بجوائز عربية أو دولية كبرى.. ما السبب في رأيك؟ الفوز ليس شرطا، يكفي أن تتواجد وأن تنافس. هذه إجابة من يعتبر أن الجوائز في عالمنا العربي جوائز نزيهة جدا. إلا أن الأمر لا يخلو من (فساد) ما، ليس من يفوز بالجائزة دائما هو الأجدر بالفوز، في كل جائزة هناك اعتبارات نعي بعضها، وقد لا نعي بعضها الآخر، لكنها حاضرة خصوصا في عالمنا العربي, الذي استشرى فيه الفساد وعلى المستويات كافة. ثم إن الفوز بالجوائز ليس مقياسا لجودة المنتج الروائي بعمومه في بلد ما دون الآخر، الأمر أشد التباسا وغموضا مما يُكتب حول الجوائز، أو حول التقويم الشامل وغير المنصف للمنتج الأدبي في بلد بعينه, بهدف وضعه في مقارنة ببلدان أخرى.
• أصدرت روايتك عن دار جدار للثقافة والنشر في الإسكندرية.. هل يفضل الكاتب السعودي نشر أعماله خارج الوطن هروبا من الرقابة، أم خضوعا لمقاييس التوزيع؟ دار (جدار) هي الدار التي أسستُها بالمشاركة مع الشاعر خلف علي الخلف والقاصة سوزان خواتمي، وهي دار تهدف، من ضمن ما تهدف إليه، إلى المساهمة في نشر ثقافة الحرية والتنوير في العالم العربي. لم أكن أفضّل نشر (الرواقي) من خلال دار أنا أحد مؤسسيها، لكن رغبتي في المشاركة بجائزة حائل للرواية جعلتني أستعجل طباعة (الرواقي) من خلال دار أستطيع أن أضمن إخراجها لكتابي في الوقت المحدد. بالنسبة للنشر داخل السعودية فإنني لا أؤيده، حين أطبع كتابي في الخارج فإن الرقيب سيجيزه بكامله أو يرفضه بكامله، أما حين أريد طباعة كتابي في الداخل فإن الرقيب سيتحكم في محتواه، ما زالت الرقابة في السعودية مهيمنة، مع أنها لم تعد أسلوبا مجديا للحدّ من حرية الكتابة والإبداع.
• بمناسبة (جائزة حائل للرواية)، هل تتوقع فوز (الرواقي) بها؟ لم أشارك في جائزة حائل للرواية كي أفوز، شاركتُ لأنني أردتُ دعم الجائزة، وشاركتْ رواية أخرى من إصدارات جدار. نادي حائل الأدبي من الأندية القليلة التي تُشعرني أنها تهتم بالثقافة وليس بالادعاء كحال كثير من أنديتنا العاطلة عن الفعل, لهذا, فإن المشاركة في جائزة حائل، بالنسبة لي، جاءت لدعم جائزة وليدة، وللتعبير عن احترامي للجائزة والقائمين عليها، ولتشجيع منابر الثقافة الحقيقية التي تجلت في إصدارات ناديهم وفي أنشطته, وفي معاصرته الواضحة في موقعه الإلكتروني الفاعل, وفي إصداراته الصوتية لبعض الدواوين الشعرية. إذن، ليس مطلوبا من (الرواقي) أن تفوز، لكن المطلوب أن تُعبِّر عن امتنانها لنادٍ أدبي يعمل في صمتٍ وينجز ما لا ينجزه آخرون اكتفوا بالحديث عن أوهام لم نرها على أرض الواقع، أو اكتفوا بإدارة صراعاتهم الساذجة والمؤسفة في سبيل اقتسام غنائم الأندية الأدبية. بالمناسبة هذا الحديث ليس تعميما على بقية الأندية الأدبية في السعودية, لأنني أجد في بعض الأندية حراكا يستحق التقدير والمشاركة، كنادي جازان ونادي الشرقية وغيرهما.
• تقام في معظم البلدان العربية مؤتمرات عربية ودولية للشعر أو القصة والرواية، كيف ترى أهمية هذه المؤتمرات، ولم لا يُقام مثلها في السعودية؟ هناك أهمية لمثل هذه المؤتمرات، أقام نادي جازان ملتقى للشعر وشاركتُ فيه بالحضور فقط، وأقيمت ملتقيات للرواية في القصيم والباحة, لكن ما أتوقعه هو أن لا تستمر مثل هذه التظاهرات الثقافية المهمة لأسباب كثيرة, من أهمها: أننا مشغولون بمؤتمرات شكلية، أو مؤتمرات تشعر للحظة، وأنت تقرأ اللجان المنظمة لها والمشرفة عليها حتى لجانها الإعلامية، أنك تقف أمام مؤتمرات أكاديمية وليست أدبية، وأن من ينظمها ليس له علاقة بوزارة الثقافة قدر علاقته بوزارة التعليم العالي. حين لا ننظر للأدب على أنه إنتاج فكري قدر نظرتنا إليه على أنه منصب أكاديمي, فإنني لا أنتظر الكثير.
• هل يمكن أن يقال أن تيارا روائيا جديدا يتشكل حاليا في السعودية، أم أنها إبداعات فردية لا تشكل تيارا؟ مثل هذا الحكم الذي تطلبه منّي، أو حتى الرأي السريع والبسيط، ينطوي على مخاطرة. مثلاً أنا لا أفهم ما تعني به بقولك (جديدا)، هل هناك تيار روائي سعودي قديم؟ ثم إن الأمر في حاجة إلى عقود أخرى لاستقراء كامل النصوص الروائية المنتجة حتى الآن ولاحقا لتحديد السمات المشتركة بينها وإدراجها تحت مسمى ما. بالعموم أنا لا أصلح للإجابة عن هذا السؤال، كما أنني بتُّ أشعر برعبٍ حقيقيٍ من التصنيف. كل ما أتمناه أن نستمر في الكتابة، وعندما يأتي جيل آخر فإنه سيتورط في إصدار أحكام كهذه، أو أنه سيرفض التصنيف ويستمر في الكتابة. فقط آمل أن يعرف، أعني الجيل القادم، لماذا يكتب؟