دافع الصحفي الأمريكي، سيمور هيرش، عن مقالته التي شكك فيها بامتلاك الولاياتالمتحدة لأدلة قاطعة على مسؤولية نظام الرئيس بشار الأسد عن هجوم الغوطة الكيماوي، مؤكدا - في مقابلة مع CNN - أن الاستخبارات الأمريكية تعلم بقدرة جبهة النصرة على صنع غاز السارين، بينما نفت المخابرات الأمريكية صحة مزاعمه بشكل كامل. وكان هيرش قد قال في مقال له إن إدارة الرئيس باراك أوباما تصرفت بانتقائية مع المعلومات حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، مضيفا أن بعض الفصائل المتشددة مثل جبهة النصرة كانت تمتلك مادة السارين السامة التي استخدمت في الهجوم الدموي بغوطة دمشق.
وكان أوباما قد قال في خطاب له، إنه كان يعلم بتحضير قوات الرئيس بشار الأسد لهجوم قبل 21 أغسطس/آب الماضي في منطقة مجاورة لمكان الهجوم الكيماوي، كما يعلم بقيامهم بمزج غاز السارين وتوزيع الأقنعة على الجنود ومن ثم إطلاق الصواريخ على 11 حيا كانت قوات الأسد تحاول السيطرة عليها وإخراج المعارضة منها.
ولكن الصحفي الأمريكي قال إن تحديد مسؤولية الأسد عن الهجوم ليست أمرا مؤكدا، علما أن CNN لا يمكنها التحقق من المزاعم التي وردت في تقريره، وقد أوضح هيرش وجهة نظره خلال المقابلة بالقول: "لم أقل إنني أعرف هوية الجهة التي نفذت الهجوم، ولكنني أقول إن الإدارة الأمريكية بدورها لا تعرف ذلك على وجه التأكيد."
وأضاف هيرش: "البيت الأبيض كان يريد الذهاب إلى حرب في دولة ليس لنا فيها مصالح وطنية بل على أساس قضية استخدام الكيماوي، ولكن الحقيقة أننا لم نمتلك تلك المعلومات المؤكدة. كما أن الحقيقة أننا نعرف منذ الربيع الماضي على الأقل أن تنظيم جبهة النصرة، وهو سلفي وهابي، لديه القدرة على الحصول على غاز السارين. ولذلك عندما وقع الهجوم لم تأخذ الإدارة باحتمال أن تكون جبهة النصرة هي المسؤولة عن الهجوم بل عمدت إلى اتهام بشار الأسد وانساق معها الإعلام العالمي، ولكن الأمر لم يكن مبنيا على أسس صلبة."
من جانبه، رد شون تيرنر، الناطق باسم جهاز الأمن القومي الأمريكي، على هيرش بتصريح لCNN جاء فيه: "التقارير الاستخبارية دلت بصراحة على أن نظام الرئيس بشار الأسد وحده المسؤول عن تنفيذ الهجوم ولا يوجد دليل يدعم افتراضات السيد هيرش وكل المزاعم حول إخفاء معلومات استخبارية هي مزاعم غير صحيحة.
وتابع تيرنر بالقول: "لا يوجد حتى اليوم أي معلومات تدل على أن بوسع جبهة النصرة بناء قدرات كيماوية."
ولكن هيرش رد على تصريحات تيرنر بالقول: "هذا يتناقض مع المعلومات التي بحوزتهم (أجهزة الأمن الأمريكية) وهذا أمر عادي لأنه القضية محرجة بالنسبة للرئيس، فالحقيقة أنه لم يكن لديه أسس صلبة وليس هناك دليل على مسؤولية الأسد."
وردا على سؤال من CNN حول دقة تقريره في ظل إشارة الأممالمتحدة مؤخرا إلى مسؤولية النظام السوري على أعلى المستويات عن جرائم الحرب في سوريا رد هيرش بالقول: "هذه اللجنة تتحدث عن جرائم الحرب الأخرى وليس الهجوم الكيماوي، لأن الأممالمتحدة لا يحق لها تحديد هوية الجهة التي نفذت الهجوم، وإنما تكتفي بتأكيد حصوله."
وأضاف هيرش: "هناك الكثير من التفاصيل التي يجب الكشف عنها، فهناك نوعية غاز السارين المستخدم، فالغاز الذي يمتلكه الجيش السوري لديه تركيب كيماوي مختلف عن ذلك الذي قد يكون لدى جبهة النصرة، ولا أعرف لماذا لا يتحدث أحد عن ذلك وعن طبيعة الغاز وما إذا كان من النوع الذي يمتلكه الجيش السوري أم لا."
وتابع هيرش متسائلا: "إذا كان لدى الرئيس أوباما قضية قائمة على أسس صحيحة فلماذا تراجع بسرعة عن الضربة العسكرية؟ لماذا العودة إلى الكونغرس بعد تسخين الأمور وهو الرجل الذي قام بغزو (العاصمة الليبية) طرابلس دون الاهتمام برأي الكونغرس؟"
وعن وجود "شبه إجماع" دولي حول مسؤولية الأسد عن هجوم الغوطة الكيماوي بسبب تأكيدات أجهزة الأمن الفرنسية والبريطانية وحتى التلميحات من المسؤولين الإيرانيين قال هيرش: "هل هناك دليل؟ هل تقدم أحد بالبراهين؟ ما نعرفه هو أن القوى المتشددة في المعارضة - وهنا أشير إلى جبهة النصرة وليس بالضرورة الجيش الحر العلماني - لديها القدرة على صنع السارين فهو ليس غازا يصعب إنتاجه، بل يمكن صنعه في الفناء الخلفي للمنزل، هذا أمر كنا نعرفه، ومن المحرج ألا نقر به. كان يجب أن ننظر إليهم على أنهم طرف مشتبه به لكننا لم نفعل ذلك."