الهواية نفسها والهواة من نفس الفئة السنية تقريباً ، لكن شتان بين طريقتنا في التعامل معها وطريقة الآخرين ؛ لدينا تتحول كرة القدم من ترفيه إلي خطر ومن وسيلة للمتعة إلي سبب في إغلاق الشوارع أمام المرور . أما في الدول الغربية ، فكل شيء مجهز كي يستمتع الشباب بهوايتهم ليخرج من بينهم كبار نجوم اللعبة . هنا ؛ في المملكة لا يكاد يخلو شارع من مجموعة شبان يغلقوه بشكل شبه كامل لممارسة هوايتهم الرئيسية .. لا يلزمهم لذلك غير بضعة أحجار يحددون بها المرمى وكرة صالحة لبداية اللعب ، غير مهتمين بخطورة المكان عليهم سواء كان ترابياً أومن الأسفلت .. بل إنهم لا يفكرون في أخطر قد يأتيهم في عز حماسهم : سيارة متهورة ؟!. نفس الأمر يتكرر في قطع الأرض الفارغة بجوار الطرق ، فهنا أيضا ؛ يشمر الشباب عن سواعدهم و يتركون متعلقاتهم و يتبارون على أرض رملية تشكل خطورة على صحتهم ، وتجعلهم قريبين جداً من تهور قائدي السيارات . أما من يريد اللعب في ملعب مجهز فعليه أن يتكبد الثمن و الذي يصل كما قال الشاب محمد الشهري ( 19 عاما ) لحوالي 330 ريالا، فإن لم يستطع فعليه بالدخول في جمعية مع زملائه لتدبير المبلغ بالتشارك . أما من تعجزه المحاولة فعليه بالعودة إلي الشارع . خلافا لذلك ، تجده في مدينة Norwich البريطانية ،حيث تجولت " عناوين " فكل شيء مهيأ كي يمارس الشباب و الفتية هواياتهم في أجواء سليمة و في ظل حماية من الأخطار و دون أي تكلفة . هناك توجد بين كل عشرة منازل حديقة مجهزة وبجانبها ملعب يحتوى على العناصروالتجهيزات الأساسية لممارسة كرة القدم بشكلها الصحيح ، حيث يعتمد التصميم على الأرضية الجيدة ( عشب طبيعي) ومرمى لكرة القدم مصمم بحيث يمكن استخدامه لكرة السلة أيضا. . و يحاط الملعب بسور من الأشجار بحيث لا يتعرض من بالداخل لأي خطر ، وبالمصادفة كان من بين هؤلاء سعوديون قالوا إنهم تعودوا على اللعب في هذا المكان متمنين نقل هذه التجربة للمملكة . على وقع هذا التفاوت سألت " عناوين " مختصين في الموارد البشرية عن أنسب السبل للإستفادة من هوايات الشباب ؟، فأجاب خيري بن حمد،وهو خبير في الموارد البشرية ،قائلاً إن إهمال المواهب الكروية يعود لعدم اهتمام مديري الكرة في الأندية بالبحث في الأوساط الشعبية مع عدم تخصيص ميزانية لصقل هذه المواهب ليصبحوا نجوم ملاعب يفيدوا انديتهم ووطنهم . وحول دور القطاع الخاص وإمكانية تفعيل دورة في هذا الجانب ، ذكر أن القطاع الخاص لم يهتم اصلا بالشباب من خريجي الجامعات الذين لديهم إمكانيات علمية في شتى المجالات فلم نسمع ان رجل اعمال او شركة كبيرة تبنت مخترعا او مفكرا او طبيبا بارعا . و أضاف :" لايفكرون إلا في زيادة ارباحهم فقط ". و رأى خيري أن الجهة المنوط بها رعاية هذه المواهب هي الأندية الرياضية . من جانبها ؛ أفادت لمياء الحاج رئيسة قسم المناهج بإدارة التخطيط والتطوير بتعليم جدة بأن هناك خطوات يجب مراعاتها لتنفيذ أي مشروع لرعاية الموهوبين تتمثل في :تشكيل لجنة من الشباب الواعد بالتعاون مع مسؤولين في رعاية الشباب للعمل على هذا المشروع ، تخصيص ميزانية لتلك البرامج لأن أهدافها تصب في مصلحة الوطن, حيث تؤدي للتخلص من المشكلات التي تواجه الشباب كالعنف, والانحراف, وغير ذلك... و أضافت أنه يمكن إشراك الشباب في اختيار الوسيلة الأفضل لممارسة هواياتهم من خلال إعداد استطلاعات رأي توزع علىهم في أماكن تواجدهم .كما يمكن استغلال المواقع الاجتماعية التفاعلية مثل الفيس بوك والتويتر؛ للوقوف على اهتماماتهم ورغباتهم وأمانيهم وما يطمحون إليه. و تابعت قائلة إنه من المهم البحث عن الأماكن المناسبة لتفعيل هوايات وإبراز مواهب الشباب, مقترحة أن تكون خارج المدن وعلى شكل ملعب أو مكان كبير يضاهي الفيراري في الإمارات, بحيث يتم تسجيل الشباب فيه ذكورأ وإناثا بأماكن خاصة بعيدا عن الاختلاط . و اقترحت الحاج تنظيم معرض لتقديم ابداعات الشباب للجمهور , على أن يتم نشر صور تلك الأعمال في الصحف المحلية؛ كي تكون حافزا لغيرهم وتوزيع جوائز بسيطة ( مالية أو عينية ) للمتميزين منهم. و بخصوص مقترح إيجاد ملاعب مناسبة للجنسين بجوار كل حديقة عامة داخل الأحياء ، قالت الحاج :" عندما لا يكون هناك ملاعب لصغار السن لتنمية وتغذية المواهب من الجنسين نفقد فرصاً هائلة لاكتشاف المواهب ، ونحرم هؤلاء الصغار من تصريف طاقتهم التي تتحول في بعض الأحيان لأعمال عنف مضرة أو لملل يقود للتسكع في الأسواق والجلوس على المقاهي لتدخين الشيشة والمعاكسات ولعب البلوت وغير ذلك. وعن امكانية الاستفادة بالمدارس كساحات لاكتشاف المواهب في الإجازات أو الفترة المسائية ،أجابت : نعم للمدارس دور كبير فيما لو اتيحت الفرصة لذلك, باستغلال أوقات الإجازات الرسمية والموسمية والفترات المسائية، مشيرة إلي أن ذلك يتطلب التنسيق بين المدارس والبلديات والرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ لتكوين فريق عمل برئاسة إدارة مجلس الحي ، مع حصر الراغبين بالالتحاق ببرامج رياضية وترفيهية مثل الرسم وأنواع الفنون الأخرى عن طريق الإعلانات وتشكيل مجالس آباء وأمهات؛ لنشر الوعي بأهمية تلك البرامج وأهمية إلحاق أبناؤهم وبناتهم بها. فضلاً عن ذلك لابد من تخصيص ميزانية لتلك البرامج ما يستدعي تدخل رجالات الأعمال والبنوك الكبرى لدعم هذا المشروع . ومن المهم ، حسبما تؤكد الحاج ، أن تتم الإستفادة من خبرات بعض الرسامين والرسامات, واللاعبين المشهورين لتدريب هؤلاء الشباب والشَّابات وتأهيلهم وتعليمهم, وفق أسس علمية وخطط مدروسة. ملاعب بريطانيا داخل الاحياء أحد الملاعب في جدة لقطة أخرى لملاعب الحواري في جدة