مَن منا يعشق الموت ..؟ مَن منا لم يشعر في لحظة بهيبة الموت؟ كل الذين غادرونا لم يعودوا ولم نسمع منهم القصة، لا كاملة ولا ناقصة..لم نعرف ماذا حدث لهم بعد الرحيل ..هم لم يعودوا ونحن لا نعرف ماذا يحدث لهم هناك ..هذا الكلام دائما ما نسمعه من العلماء والباحثين في العالم والذين لا يربطون بين الموت والدين. فسّر البعض الموت بأنه امتداد للحياة، وبعضهم فسّره بالفناء، وبعضهم بمغادرة الروح ..إلخ.
المسلمون يعرفون ماذا يعني الموت وما بعد الموت، لأن دينهم علمهم الكثير، وهم لا يحتاجون إلى تعريف الآخرين إلا من باب العلم بالشيء.
أنا هنا لا أريد أن أتحدث عن الموت نفسه..فكم هم الذين يعيشون بين الأحياء وهم أموات، وكم هم الأموات الذين مازالوا أحياء يعيشون معنا، لأنهم قدّموا الكثير، فمحمد- صلى الله عليه وسلم- مازال حيا، والكثير من صحابته مازالوا يشاركوننا الحياة، والمتنبي مازال حيا وإديسون مازال حيا ..كل الذين أسهموا في إسعاد الناس مازالوا أحياء بيننا.
مَن منا لا يهاب الموت؟ أقول لكم:مَن هم هؤلاء الذين لا يخافون الموت؟ نوعان ..النوع الأول هم عشاق الموت، وهم الذين لم يحبوا الحياة لأنهم لم ينشأوا على حب الحياة والتعلق بها ..لأن ثقافة الموت هي التي تسيطر عليهم.
في المنزل قد يتلقى بعضهم مثل تلك التنشئة، يتعلم الإنسان كيف يكره الحياة ويعشق الموت، لأنه لم يجد في الحياة ما يملكه أو ما يعيش من أجله، ولهذا فهو يبحث عن حياة أخرى، فيلجأ إلى الموت عبر أكثر من بوابة، قد تبدأ بالتهور في استخدام المخدرات، أو بقيادة السيارة بطريقة جنونية، أو بالمغامرة غير المحسوبة ..
كل تلك الأساليب هي أنواع من طرق انتحار تحت أسماء مشوقة..هؤلاء يحتاجون إلى إعادة تأهيل، وذلك بإعادة برمجتهم بأن الحياة جميلة، وأن ما يقومون به خطأ كبير، وأن تربيتهم على ثقافة الموت ليست سوى خطأ تربوي يجب تصحيحه ..أما الآخرون الذين يعشقون الموت من أجل الدفاع عن وطنهم ودينهم ..فهؤلاء لا يحتاجون سوى أن أقول لهم:حفظهم الله لأنهم يدافعون عن الدين والوطن، لأن الدين جاء للحياة وليس للموت..ولأن الوطن يستحق أن نعيش من أجله، وليس فقط أن نموت من أجله..
وحتى لا يتساوى الموت والحياة لدى الآخرين يجب أن تكون هناك بهجة في الحياة.