تسبب تصنيف صحيفة التليغراف الإنجليزية للنشيد الوطني الجزائري كواحد من "أسوأ عشرة أناشيد وطنية في العالم" في خلق أزمة دبلوماسية بين بريطانيا والجزائر، وزوبعة من الاستياء الشعبي بين الجزائريين الذين رأوا في ذلك "تطاول وتعال استعماري". وقالت وكالة الأنباء الجزائرية ، الخميس 2 أغسطس 2012 ، إن المقال تضمن "تصنيفا أساء إلي النشيد الوطني الجزائري" عندما وصف "قسما" بأنه أحد الأناشيد الوطنية "الأكثر عدوانية خاصة ضد فرنسا الاستعمارية".
ونوهت الوكالة الجزائرية أن الصحيفة قامت بحذف المقال من موقعها الإلكتروني ونشرت اعتذارا عما سببه من استياء للشعب الجزائري.
وقالت التلغراف: "نعتذر لمن صدم منكم من هذا المقال عن الأناشيد الوطنية. لقد كان مجرد مقال فكاهي لكننا، كبادرة حسن نية، قمنا برفعه" من الموقع الإلكتروني.
وقالت الوكالة الجزائرية أن المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عمار بلاني أعلن أنه "في رد فعل على المقال الذي نشرته التلغراف يوم 26 يوليو والذي يسيء إلي رموز الدولة الجزائرية، وبصفة خاصة النشيد الوطني، قامت سفارة الجزائر في لندن بتقديم احتجاج شديد اللهجة إلي مدير هذه الدورية بالإضافة إلي رسالة تصحيح لتنشر في الصحيفة".
وأضاف المتحدث أنه "ستتخذ خطوات لدي الجهات المختصة للفت انتباههم لمحتوى هذا المقال الذي ينتهك الروح والمثل الأوليمبية".
واعتبرت الخارجية أن المقال "يسيء للمعاناة الطويلة التي عاناها الشعب الجزائري من أجل استعادة استقلاله وكرامته كأمة ذات سيادة كما يسيء إلي نشيده الوطني الذي يعد مكسبا ثابتا من مكاسب ثورة 1 نوفمبر 1954 المجيدة".
وكانت الصحيفة قد وضعت النشيد الجزائري في المركز الرابع على قائمة عشر أناشيد وطنية وصفتها بأنها الأسوأ علي الإطلاق من بين أناشيد ال 205 دولة المشاركة في أولمبياد لندن 2012.
واعتبرت الجريدة كلمات النشيد الوطني الجزائري بأنه عدائي وتحديداً لدولة فرنسا، وقالت أنه يقوم بتمجيد السلاح لقوله "لم يكن يصغي لنا لما نطقنا...فاتخذنا رنة البارود وزنا...وعزفنا نغمة الرشاش لحنا".
وفضلا عن كونه النشيد الوطني، فإنه يعد "قسما" له رمزية خاصة في قلوب الجزائريين لكون شاعرهم مفدي زكريا قد كتبه عام 1956 بدمه على جدران زنزانته رقم 69 في سجن بربروس بعد أن تم تعذيبه من قبل المستعمر الفرنسي.
وقد لحن النشيد الموسيقار المصري محمد فوزي وتم اعتماده نشيدا وطنيا بعد استقلال الجزائر في يوليو 1962.
ويعتبر النشيد الجزائري الوحيد الذي يذكر فيه اسم دولة أجنبية حيث تقول كلماته "يا فرنسا قد مضي وقت العتاب...وطويناه كما يطوى الكتاب...يا فرنسا ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب.. إن في ثورتنا فصل الخطاب".
وكانت باريس قد احتجت مرارا على هذا المقطع غير أن الجزائر رفضت حذفه لرفض فرنسا الاعتراف "بما قامت به من جرائم أثناء احتلالها للجزائر أو تقديم اعتذار عن هذه الحقبة".
وفضلا عن الاستياء الرسمي، أثار مقال الصحيفة للنشيد السخط الشعبي حيث اعتبر الطيب الهواري، الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء شهداء الثورة الجزائرية في تصريح لجريدة الشروق الجزائرية هذا التصنيف بمثابة "الفكر الاستعماري البريطاني الجديد"، ووصف موقف بريطانيا ككل بالمعادي تجاه بلاده.
وانتقدت كذلك جريدة النهار الجزائرية التصنيف واعتبرت أن التليغراف اعتمدت بذلك "أسسا للتصنيف تسيل منها لعاب الحقد والعنصرية" وأنها "أهانت ثورة الجزائر التي حيرت بنضالها العالم وزينت بشهدائها التاريخ".
"وبهذا أصبحت الدول تهان كنوع من أنواع الدعابة والفكاهة المدروسة، ضاربين بها رمز دولة وتاريخها وشعبها عرض الحائط".
وعلق الناشط الجزائري رشيد شعيبي على المقال قائلا لسكاي نيوز عربية "إن هذا التصنيف في غاية السخافة فليس من اللياقة أن تنتقد صحيفة نشيدا وطنيا لدولة أخري".
لكنه أضاف: "لكنني أعتقد أيضا أن المسؤولين الجزائريين قد وجدوا فيه فرصة لاستغلال المشاعر الوطنية ليظهروا بصورة بطولية، فكم من المرات أهينت كرامة الجزائريين في الخارج ولم يتحركوا للدفاع عنهم"
وجاء النشيد الوطني لكوريا الشمالية في مقدمة أسوأ الأناشيد التي يتم عزفها خلال الدورة، طبقا لتصنيف التليغراف الذي وضع نشيد دولة أوروجواي وإسبانيا في المركزين الثالث والخامس نظرا لطولهما، ووصفهما بالممللين.
وتضمنت القائمة أيضا أناشيد اليونان وكولومبيا والعراق وبوركينا فاسو وكازاخستان والكونغو الديمقراطية.
فيما جاء النشيد الوطني العراقي "أنشودة موطني" الذي كتبه الفلسطيني إبراهيم طوقان والذي تم اعتماده بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بالمركز السابع، لأنه "يذكر الناس بمآسي الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفيه خيلاء وتعالي ويصدر رسالة خطيرة"، حسب الصحيفة.