خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع السبت 24 ديسمبر 2011 في العاصمة الروسية موسكو، وتحدوا البرد القارس، مطالبين بانتخابات نزيهة، بعد زعم المعارضة أن النتائج زورت في وقت سابق من هذا الشهر، وأدت إلى فوز حزب فلاديمير بوتين إلى السلطة. وتمت الدعوة إلى الاحتجاجات من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل أساسي، في أعقاب اعلان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إصلاحات سياسية واسعة، في أحدث جهد لمعالجة الاستياء الواسع الذي أعقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في 4 ديسمبر/كانون أول. وفي وقت سابق من هذا الشهر، خرج عشرات الآلاف من الناس للاحتجاج على نتائج الانتخابات التي أبقت حزب بوتين، روسياالمتحدة، في السلطة. وقدرت الشرطة في موسكو خروج 25 ألف متظاهر، في حين قال المنظمون إن العدد يقدر بضعف ذلك. واعتبرت هذه الاحتجاجات، بحسب المحللين والمراقبين السياسيين، الأكبر في روسيا في العقدين الماضيين. ومن المتوقع أن يخرج نحو 40 ألف شخص يوم السبت، وفقا لصفحات دعت إلى التظاهر على موقع فيسبوك الاجتماعي. وبعد الانتخابات بنحو أسبوع، دعا ميدفيديف، إلى إجراء تحقيق بالعملية الانتخابية بعد الاتهامات التي وجهتها المعارضة وأشارت فيها إلى حصول تزوير، وذلك بحسب تعليقات دونها على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك،" بينما قال حزب "روسيا الموحدة" الذي يقوده رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، إنه "سيستمع" إلى آراء المحتجين الذين نزلوا إلى الشارع في موسكو ومدن أخرى. وقال ميدفيديف في تعليق دونه على صفحته "أنا لا أتفق مع الشعارات التي رفعها المحتجون ولا مع البيانات التي ألقيت، ولكنني أمرت بإجراء تحقيق في كل التقارير الواردة من مراكز الاقتراع، والتي تتعلق بشكاوى حول الالتزام بقوانين الانتخابات." من جهته، أعلن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم على لسان أندري ايسايف أحد قياديي الحزب، أن آراء المحتجين الذين تظاهروا اليوم في موسكو وغيرها من المدن الروسية "ستسمع." ونقلت وكالة "نوفوستي" عن إيسايف قوله إن أصوات المعارضين غير الراضيين عن سير أو نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة "ستسمع من قبل وسائل الإعلام وهيئات الدولة والمجتمع، لأنهم يملكون الحق الكامل في التعبير عن رأيهم ومواقفهم". وكانت تظاهرة العاشر من ديسمبر/ كانون الاول التي نظمت بعد ستة ايام من الانتخابات التشريعية التي فاز فيها حزب روسيا الموحدة الحاكم بنحو خمسين في المئة من الاصوات، استقطبت ما بين خمسين الفا وثمانين الف شخص. وفي موازاة ذلك، تجمع الاف المتظاهرين الاخرين في عشرات المدن الروسية مثل سان بطرسبورغ وايكاتيرينبورغ في الاورال. واعلن الرئيس السوفياتي الاسبق وحائز جائزة نوبل للسلام ميخائيل غورباتشيف (80 عاما) الذي يؤيد تحرك المعارضة انه سينضم الى المتظاهرين اذا سمح له وضعه الصحي بذلك . ودعا ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس للاتحاد السوفييتي، السبت، رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى الإنصات لمطالب المحتجين وترك المعترك السياسي بدلاً من السعي لفترة رئاسة ثالثة العام القادم. وقال غورباتشوف لإذاعة صدى موسكو: "أنصح فلاديمير بوتين بالرحيل الآن. لقد تولى ثلاث مرات، مرتان كرئيس ومرة كرئيس للوزراء. ثلاث ولايات.. هذا يكفي". ورداً على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن بالإمكان أن يترك بوتين السياسة، قال غورباتشوف الحاصل على جائزة نوبل للسلام: "ليس في الامر شيء عجيب". وأعرب غورباتشوف عن دعمه لمنظمي التظاهرة الحاشدة التي ضمت بحسب منظميها 120 ألف متظاهر، فيما قدرت الشرطة عدد المتظاهرين ب30 ألفاً فقط. كما دعا غورباتشيوف السلطات إلى "الاعتراف بحدوث عمليات تزوير وتلاعب كثيرة" في الانتخابات التشريعية التي جرت في الرابع من كانون الأول/ديسمبر مطالباً بإعادة تلك الانتخابات. كما تلقى المتظاهرون تأييدا لم يكن متوقعا من وزير المالية الاسبق اليكسي كودرين الذي كان مقربا من بوتين وعبر عن موقفه الجديد في رسالة مفتوحة نشرتها السبت صحيفة كومرسانت. وكتب كودرين "اشاطركم مشاعركم السلبية حيال نتائج الانتخابات التشريعية في بلدكم". وهذا التحرك المعارض هو الاكبر في روسيا منذ تولى بوتين الرئاسة العام 2000. وتأتي هذه التعبئة فيما يسعى بوتين الى ضمان اعادة انتخابه رئيسا في مارس/ اذار بعدما تخلى عن هذا المنصب لديمتري مدفيديف العام 2008 كون الدستور لا يتيح له الحكم اكثر من ولايتين متتاليتين. ورغم تراجع شعبيته في الاشهر الاخيرة، سخر بوتين من معارضيه في مقابلة تلفزيونية استمرت اكثر من اربع ساعات الاسبوع الفائت. ولم يتردد في اتهام المعارضة بانها مرتهنة للغرب. وفي مؤشر الى ادراكهما ان الوضع خطير، وعد بوتين ومدفيديف ب"تحديث" النظام السياسي، لكن هذا المشروع لن يرى النور قبل العام 2013.