في كتابها " ترانيم وجد" والصادر عن دار المفردات للنشر والتوزيع. لا تصنف ميساء المغربي نصوصها بل تجعل الخيارات مفتوحة أمام القارئ ليبتكر التصنيف الذي يلائمه.سألناها عن أول إصدار لها وعن تجربة الكتابة في الانترنت فكان هذا الحوار. • في البداية أود أن أسألك , لماذا كتابك الأول كان مزيجا من الخواطر والشعر, بالرغم من أن الزمن زمن الرواية, وغالبية الاعمال الابداعية للادباء الشباب هي في الرواية ؟ أنا قارئة قبل أن أكون كاتبة وكنت ومازلت أحترم الكاتب الذكي الذي يضع في اعتباره دائما أنه يكتب لطبقة راقية تُقدر ما عنده وتُجيد ملاحقة فكرته حتى تلك التي يُخبأها مابين السطور ...الرواية عمل أدبي ثري جدا ليست مجرد ثرثرة عادية كالخواطر أو متقنة كالشعر , الرواية صياغة مختلفة تحمل رسالة وتتطلع الى هدف, تسعى الى الارتقاء بالكاتب قبل القاريء , و تُربي الاحساس وترعى المشاعر , لذلك تحتاج أن نكون كتابا وكاتبات بحجمها وبتفرد مكانتها. في الحقيقة بدأت بكتابة رواية وقررت فكرتها وباشرتُ في صياغتها وربما شارفتُ على الانتهاء منها ولأن الرسالة التي تحملها مهمة جدا لي كأنثى وللقاريء كمتذوق فضلت أن أتريث قليلا قبل اصدارها وقررت أن أبدأ بالخواطر كنوع من المصافحة المكتوبة أمد بها يد احساسي لقاريء لا يعرفني حتى أُصبح مألوفة عنده ويكون لقلمي مكانة ولو بسيطة جدا في قلبه فلا يتردد أبدا في اقتناء رواية قادمة اُصدرها بل على العكس ينتظرها لأنه يدرك وقتها بأنها هدية تخصه وحده مهما تعددت النسخ منها. باختصار اخترت الخواطر وبعض النصوص الشعرية لأنني أحببتُ أن أدخل عالم القاريء بهدوء جميل حتى يتحمل بعد ذلك صخب الرواية الأجمل . • ألم تخشِ ردة فعل القاريء وأنت تقدمين تجربة تبدو مختلفا عما هو سائد الان؟ _ ترانيم فقد مغامرة قررت أن أخوضها زادي ثقة بحرف لن يخذلني لأنني تجاوزت معه رحلة طويلة مابين شد وجذب وعرضته طوال سنوات مضت على قُراء أعتز بشهادتهم ومؤمنة برقي ذائقتهم , ومهما كانت ردة الفعل أثق تماما بأنها ستمنح حرفي ما يستحقه سواءا كان سلبا أو ايجابا ومتأكدة أيضا بأن الاختلاف يصنع فرقا ويترك أثرا و لابد منه في المجال الأدبي حتى تتضح الصور وتبرز الألوان فنُبصر الفرق ما بين الأسود والأبيض
• في كتابك ترانيم فقد , يجد القارئ تداخل بين الشعر والخواطر مما يسبب تشتيتا لذهن القارئ ويجعله يتسأل , هل الكتاب الذي بين يديه خواطر او ديوان شعر.. كيف تفسرين ذلك؟ ترانيم فقد جمعت فيه كل ما كتبته منذ سنوات لرغبة مني في ترك ما يبقى حاضرا بعد غيابي وحقيقة لم أفكر أبدا في نوعية النصوص أو حتى في جودتها كان اهتمامي فقط بكتاب متواضع يكون بمثابة صندوق ذكرى يحتويني انا كروح قبل نصوصي ككلمات وحروف. ليعتبره القاريء اذا تجربة روحية لانها الوحيدة التي تظل بلا طابع خاص أو ملامح معروفه فهي وللأبد خليط من هذا وذاك تترك المتلقي حائرا مابين سماء خيال وأرض واقع. • هل اعتبر هاجس الغياب هو دافعك الأقوى نحو الكتابة أم هنالك دوافع أخرى غيره؟ ولماذا هذه النظرة التشاؤمية في نصوصك؟ بالطبع ليس الغياب الدافع الأقوى بل هو دافع أساسي ويوجد عند كل كاتب فنحن غالبا نكتب لنبقى في الذاكرة فالغياب لا يطال كل ما يعلق بها لأنها تستدعيه حاضرا أمامها ذات قراءة عابرة. أما بالنسبة للدوافع الأخرى هو حلم قديم جدا كنت أنتظر أن ينضج قلمي ليتحقق جميلا كما كنت أتخيله فالحياة قد تُصادر أثمن أحلامنا فننساها مع الوقت لاستحالتها ولكنني احتفظتُ بواحد فقط وسعيدة لأنه تحقق الآن بغض النظر عن كل شيء. أما النظرة التشاؤمية فأنا ضد تصنيف النصوص ووضع مقاييس خاصة لها لأن النص الجيد ما هو إلا نزف ذاكرة متعبة من حمل ما بها فقررت سكبه حروفا وكلمات. النص الجيد نبض قلب صاخب جدا ضاقت به قاعات الصدر فقرر الرقص كلمات على الأوراق , النص الجيد ترجمة حرفية لاحساس عجزنا ذات يوم عن النطق به لأنه اكبر وأعمق من ثرثرة عابرة, اذا هي ليست نظرة تشاؤمية هي عاطفة قوية قد أكون نجحت في كتابتها الى الحد الذي أخذت فيه لون الليل ومرارة الوجع .. فقط ربما. • أنت من جيل يعتبره الكثيرون محظوظا لأنه تسنى له وسائل اتصال أكثر من الأجيال الأخرى , كيف تقيمين تجربة الكتابة في الانترنت وهل ستنهي هذه المرحلة بعد صدور كتابك ترانيم فقد مثلما فعل بعض الأدباء الشباب؟
_ فعلا وربما لو كنت في جيل مختلف لما وصل قلمي ولما وجدتُ الجرأة لاصدار كتاب يحكي عني, وبالنسبة لتجربتي الكتابية في الانترنت أنا لا أعتربها تجربة هي عمر كامل لقلمي بدأت به صغيرا وكبر سنة تلو الأخرى فنضج احساسه وأصبح راشدا أكثر وقادرا على اختيار ما يُناسب من الكلمات لتعبر عنه وأكثر ما يميز الكتابة في الانترنت أن نصوصك مهما كانت متواضعة تنال الانتقاد والاستحسان أي لا بد من وجود قراء يعبرون من عندها متذوقين أو غاضبين أو حتى مجرد متفرجين ففي كل مرة ينال نصك نقطة وعليك أنت ان تنتقي الصالح لك من النقاط فتُقومُ بها أداءك, وطبعا لن تنتهي علاقتي مع الانترنت ابدا فالقارئ الالكتروني هو أول من منحني الثقة لأنزع قناع اختبأتُ خلفه وأنشر ما لدي بتوقيعي , وبالطبع علاقتي مع الانترنت لم تتغير حتى بعد صدور الكتاب فمازلتُ أكتب من وقت إلى آخر في المدونة ومازال لي ركن صغير في موقع جسد الثقافة أعود أليه كلما افتقدتُ ثرثرة من نوع خاص. • ماهو مشروعك القادم , وهل هناك نية للاستمرار بالكتابة على نفس هذا النمط , أم سنجدك تكتبين بأسلوب مغاير ؟ كما ذكرت سابقا بدأت في كتابة رواية واعتزم إكمالها بأذن الله وبالنسبة لنمط الكتابة فهو يظل واحد لا يتغير ويُصبح كوشم يعرف به الكاتب ويميزه وسط غيره من الأقلام أما نوعية ما سأطرحه سيختلف بالتأكيد خصوصا أن الرواية مجال أدبي واسع تتنوع فيه الشخصيات وتختلف تبعا لها الاتجاهات.