مشكلة تعانيها كل الأسر يمكن حلها ببساطة, لكن بعض الحلول تسبّب مشكلة أخرى, وهي مشكلة انزواء كل فرد في عالم مستقل, ما يدفع إلى تكريس الفردية في الأسرة وإنهاء الروح الجماعية. أوضحت نورة العيسى (موظفة), أنها تحلم منذ مدة بالراحة، إلا أن الاشتباك بين أبنائها الأربعة بسبب الجدل القائم, الذي أصبح شبه يومي، حول تحديد القناة الفضائية لمشاهدة البرامج؛ أصبح أرقا دائما وإزعاجا تحاول التخلص منه بشتى الوسائل، ولم تطرق بابا إلا ولم تجد جوابا لتلك المعضلة التي تفاقمت إلى أن اضطر زوجها إلى تحطيم وتخريب التلفزيون أمامها وأمام أبنائها, وتقول: "حاولت أن ألملم جراح أبنائي، وأن أرضي كل واحد منهم بتقسيم الوقت وتحديد ساعات بعينها لكل منهم، إلا أن الخلاف بقي قائما بينهم، فعندما يدخل والدهم إلى المنزل تبدأ الاشتباكات، لدرجة أنه أصبح يتشاءم من العودة إلى المنزل، ناهيك عن الخلافات الأسرية والتلاسن فيما بيننا، فآخر ما توصل إليه هو تحطيم التلفزيون، الذي تسبب في أزمة نفسية للأطفال، فهم دائما يبحثون عن شيء يقضون به وقت فراغهم، فالعقوبة كانت بمثابة أسلوب لتفاقم الأزمة وليست وضع حل لها". سعيد حسن، (موظف في القطاع الحكومي)، يفضّل حضور البرامج الرياضية ونشرات الأخبار، إلا أن زوجته وابنته تفضّلان المسلسلات الخليجية، فيضطر إلى الانتظار لحين انتهاء أحد المسلسلات، لينسجم مع برامجه المفضلة، إلا أنهما (زوجته وابنته) يتشبثان في ريموت التلفزيون لحضور مسلسل آخر، ومن هنا تبدأ المشكلات التي تنتهي عادة بإغلاق الجهاز, ويرى سعيد الأنانية من طبيعة بعض النساء, ويقول: كثيرا ما أترك لها الفرصة لمشاهدة ما تريد هي و ابنتها، ومع ذلك أتعرض لضغوط إضافية، ناهيك عن أبنائي الصغار الذين يتجمهرون لمشاهدة أفلام الكرتون، دون مراعاة لرغبة الآخرين, وأعتقد أن الأم هي المسؤول الأول والأخير عما يحدث في المنزل، فلو اتبعت الإدارة وإتقان فن التعامل بالإقناع, لما اضطر الطفل إلى التمادي والطمع وعدم الاحترام, مستدركا "وصلت الدرجة بأحد أطفالي أنه ونحن في السيارة يريد أن يتحكم في الإذاعة أو الأغنيات التي نسمعها". ويقول فايز النافع وهو من المهووسين بمشاهدة الأفلام الأجنبية: إن عدم التنسيق في مشاهدة البرامج والمسلسلات يفرز أزمة, وتحديدا في شهر رمضان, ويصف ذلك بأنه مشكلة حقيقية، ومعاناة فعلية ينجم عنها عديد من الخلافات، ويرى أن الحل هو بشراء جهاز تلفزيون آخر في المنزل, يوضع الأول في الصالة الرئيسية, والآخر في غرفة الأطفال". الأخصائية النفسية ريم العمر، توضح أن الاختلاف في الأذواق"أمر عادي، والاختلاف في الذوق حول القنوات الفضائية، أحد إفرازات التغير الاجتماعي"، وتضيف: الاختلاف من طبيعة الإنسان، ومن الناحية الأسرية الأمر لا يحتاج إلى عنف وتخبط, وإنما إلى حوار هادئ بنّاء.