تجد السيدة هناء (25 عاما) في مشاهدة التلفزيون وسيلة للهرب من واقعها وليس فقط للتسلية والمتعة، فالمشاكل العائلية التي بدأت تعصف بحياتها بين الحين والآخر جعلت منها مهووسة بالمشاهدة، لكن ذلك أدخلها في مشكلات أخرى مع زوجها. تقول «متابعة المسلسلات والبرامج بالنسبة لي فسحة لنسيان خلافاتي اليومية مع زوجي والاستمتاع ببعض الدراما الحالمة، ويحدث في بعض الأحيان أن يصعد زوجي المشكلة بإغلاق التلفزيون، لتبدأ مشكلة أخرى». ويأخذ التلفزيون نفس الأهمية عند حنان (29 عاما) فهي تعتقد أنه الوسيلة الأفضل لتجنب مواجهة زوجها والدخول معه في جدل لا ينتهي، «في حال نشبت مشكلة بيني وبينه أتحول فورا إلى مشاهدة حتى لا تتسع دائرة الخلاف، وأظل متسمرة أمام الشاشة حتى يهدأ، وبعدها تعود المياه إلى مجاريها». لكن سماح (23 عاما) ترى عكس ذلك تماما فمشاهدة التلفزيون بالنسبة لها طريقة جيدة لتقوية العلاقة الزوجية، وتؤكد أن الزوجة الذكية هي التي تصنع منه جسرا لردم الخلافات، «أستمتع كثيرا بمشاهدة الأفلام والمسلسلات مع زوجي، وحتى لو حدث خلاف بيني وبينه، تكون فترة الجلوس أمام الشاشة مناسبة لبدء الأحاديث الودية وتجاوز الخلاف، وأحيانا يطلب مني تسجيل حلقات من مسلسل لا يسمح له وقته بمشاهدتها». ويبدو أن التنوع البرامجي في شاشات التلفزة الفضائية أوجد مساحة جيدة للنساء، إما للهرب من المشكلات أو تجاوزها، ولكن هناك من يرى أن مشاهدة التلفزيون في حد ذاتها والبقاء أمامه بالساعات، مدخل للمزيد من الخلافات بين الزوجين، فيما يضع بعض الأزواج التلفزيون في قفص الاتهام، وأنه سبب في إهمال الزوجات لأبنائهن والاهتمام بشؤون المنزل. ويذهب آخرون إلى أن مشاهدة المسلسلات ذات الصبغة الرومانسية الصرفة كالتركية مثلا، قد تكون سببا في إحداث الفجوة بين الزوجين، خصوصا إذا شعرت الزوجة أنها تفتقد إلى معاملة لطيفة كما يفعل بطل المسلسل مع البطلة، وهو ما تعتقد به استشارية العلاقات الأسرية الدكتورة أريج داغستاني، إذ تشير إلى أن بعض ما يعرض عبر الشاشات من مسلسلات دارمية وأفلام لا تتوافق مع ثقافتنا المحلية، من شأنها أن تكون سببا في ارتفاع نسب الطلاق أو الانفصال العاطفي بين الزوجين. وتوضح «النساء بما يتميزن به من مشاعر وعواطف قوية، يعشن الموقف الدرامي الذي يعرض على الشاشة، فتتغلغل أفكاره في العقل اللاواعي، وإذا لم تكن المرأة على درجة من الوعي التي تساعدها على توجيه أفكارها في الوجهة الصحيحة، سيتحول ما شاهدته بعد ذلك إلى سلوك يترك تأثيره في نفسها ويقلل من تفاعلها الاجتماعي والانفعالي وحتى الصحي». وتنصح الدكتورة أريج الزوجات اللواتي يعتقدن أن التلفزيون أداة للتخفيف عن ضغوط الحياة، بعدم التمادي في ذلك، «مواجهة المشكلات تنقلك من مرحلة التجمد السلبي إلى مرحلة التفاعل الإيجابي»، وتطالب النساء المهووسات بالمشاهدة باستخدام المنبه لتحديد ساعات الجلوس أمام التلفزيون وجدولة ذلك ضمن المهام المنزلية، وتنصح بالاشتراك في ناد رياضي أو الانخراط في نشاط تطوعي في سبيل العمل على زيادة التفاعل الاجتماعي، والابتعاد قليلا عن إغراء الشاشات.