دونا عن سائر أعضاء الجسد يلعب القدم دوراً سياسياً مهما ، مكنه من وضع بصمته خلال "الحذاء" أو النعال ، عبر التاريخ ! بدءاً من العهد النبوي ، حيث افرد البخاري في صحيحة باباً كاملاً ، سماه باب :الضرب بالجريد والنعال ! ولهذا تبلور هذا المفهوم "النعالي" عبر الزمن إلى ثقافة جماهيرية شعبية ثورية ، استخدم فيها الحذاء في محاربة كل أشكال الخنوع والاستسلام من سائر طبقات المجتمع! والغريب أن هذه الثقافة فاتت على الهيمنة الإمبريالية الأمريكية ، ولم يشر إليها رافاييل باتاي في كتابه "العقلية العربية" إلى أن جاء الوقت الذي أفاقت على حذاء "الزيدي" باتجاه بوش ! وقد يشفع لبوش انه ليس الرئيس الأمريكي الأول المهان بالحذاء ففي عام 1960 رفع خرشوف الرئيس الروسي حذاءه ضاربا به طاولته احتجاجا ، على الرئيس الامريكى إيزنهاور وكان جالسا أمامه مباشرة ، وقال خرشوف إن الرسالة كانت موجهة للرئيس الامريكى بشكل خاص ،بل وأضاف انه من لم يحترم (جزمة) الاتحاد السوفيتي، لن يحترمه السوفيت! ولكل دولة عربية ثقافتها الخاصة بالتعاطي مع الحذاء ، ففي مصر ضربت ملكتها شجرة الدر "بالقباقيب" حتى الموت ، وحكى احد المعارضين الليبيين ، انه قديما أفاق الشعب الليبي على انقطاع البث التلفزيوني لمدة ثلاثة أيام سوى صورة حذاء موجه لهم! أما في العراق فقد تمثل نشيداً سياسياً في العهد الملكي ، اختصره الشعب بكلمتين يهزجون بها في المظاهرات " نورى السعيد القندرة ، صالح جبر قبطانه" اى أن نورى السعيد هو المحرك الرئيس ، وليس صالح الذي لا يعدو دوره عن خيطٍ للحذاء ! وانتهاءٍ بصدام حسين الذي امتن على الشعب العراقي قائلاً: ان البعث هو من ألبسهم القنادر! ولعل هذا السبب الذي دعاه عندما هدد بالإعدام أن قال "الإعدام على قندرتي" . ولا نعجب إن الحذاء "حمّال أسية "فقد يتهم "الحذاء" اتهامات دينية ، كما اتهمت الزنوبه "نوع من الحذاء بلاستيكي رقيق، إن هذا الاسم من إطلاق الأمويين استهزاءٍ بالسيدة زينب حفيدة الرسول صلى اله عليه وسلم! الأمر الذي حدا باللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة إلى الإفادة بالجواز لعدم ثبوت هذا الأمر تاريخياً ولغوياً. وقد مست هذه الثقافة السفلية ، رؤوس المثقفين ، حيث طلب منى احد الكتاب ،تناول موضوعاً ما ، فاعتذرت منه درءاً لتعليقات الطفيليين ، فاعترض أن الطفيلي لا يصلح له إلا الحذاء ! فوافقت على أن يبعث لي " بنعله النجدية " فأبي قائلاً : لا البس النعال النجدية ! اتريديننى أن أدوس على نجد بحذائي ! فوزيه منيع الخليوي .