في الوقت الذي يحاول فيه البعض اغتنام شهر رمضان للإقلاع عن التدخين؛ تبوء محاولاتهم بالفشل، جرّاء بعض المعيقات، التي، للمفارقة، تنتشر في رمضان كذلك. فما يسمّى "الخيم الرمضانية"، أو "السهرات الرمضانية"؛ "تتفنّن" في شهر رمضان في ابتداع "معسّلات" ذات نكهات مختلفة ومتجددة. ولا يقتصر الأمر على أنواع المعسلات، بل يتعدّاه إلى "الشيشة" نفسها؛ فقد ظهرت في بعض مقاهي مدينة جدة تصاميم مبتكرة للشيشة، بعضها يتّخذ شكل الطيور، والبعض الآخر مصمّم على هيئة آلات موسيقية. ولعلّ إحدى معيقات ترك التدخين، هو الفتوى الشهيرة التي أطلقها الشيخ جمال البنا عام 2006 عبر صحيفة المصري اليوم. ولا زال البنا مصرّاً على فتواه. فهو للسنة الثالثة على التوالي، أفتى بإباحة التدخين في نهار رمضان؛ فيقول البنا إنّ القول بأن التدخين يبطل الصيام إنما هو من صنيعة الفقهاء، وهو من قبيل الاجتهاد البشري القابل للصواب والخطأ، وهو يرى خطأه، مقرراً أن التدخين لا يبطل الصيام، وأن هناك فرقاً بين الحكم على الشيء بالحرمة، وبين كونه يبطل عبادة. وفي وقت سابق أفتى المرجع الشيعي الراحل، محمد حسين فضل الله بأن التدخين لا يبطل الصيام. ولكنّ علماء دين كثيرين، ندّدوا بفتوى البنا ودحضوها. ووصف بعضهم تلك الفتوى بأنها "شاذة ولا يلتفت إليها أحد". الثلاثيني هيثم الحفني (مدير تسويق) يقول إنّ من يرتاد الخيم الرمضانية، لا يعرف المعنى الحقيقي لرمضان، موضّحاً أن فكرة الخيمة الرمضانية قامت أساساً على مبدأ الشعور مع الفقراء وتأمين إفطار للمساكين. ويتابع: "أما ما نراه الآن في الخيم الرمضانية، ليس إلا أوكار لهو ولعب وشيشة وانغماس في الملذات الدنيوية". ويؤكد، رامي جمال (36 عاماً)، أحد الصيادلة في جدة، على أهمية توظيف الصيام في الإقلاع عن التدخين؛ مشيراً إلى أنّ الصيام أكثر فعالية من الأدوية (التي تحتوي كميات نيكوتين قليلة) واللصقات التي تساعد في الإقلاع عن التدخين. ذلك أن الإرادة والعزيمة تلعب دوراً كبيراً في الامتناع عن التدخين أكثر بكثير مما تفعله الادوية. فالتدخين، بحسب رامي جمال، عادة أكثر منه إدمان. رمزي الطرابلسي (26 عاماً) كان أحد الذي نجحوا في استغلال الشهر الكريم لترك التدخين. "رمضاني منحني فرصي عظيمة للابتعاد عن عادة قاتلة"، على ما قل رمزي ل"عناوين". ويتابع: "في الأوقات العادية لا أمتلك الإرادة على ترك التدخين، ولكنّ رمضان أجبرني على ذلك، وقوّى إرادتي، وهو ما جعلني أترك السجائر إلى غير رجعة". ولكنّ سامر أشرف (مندوب مبيعات، 24 عاماً) يستغرب من الذين يقلّلون من شأن "عادة" التدخين. فهو يعتقد أنّ "العادة" أحياناً تحتاج إلى جهد أكبر من الإدمان لتركها. ويقول إنه يجد صعوبة كبيرة في الإقلاع عن التدخين في رمضان؛ معيداً الأمر إلى المغريات التي تقدّما "الخيم الرمضانية" من شيشة ومعسّلات ذات نكهات "لذيذة"، على حدّ وصفه. فكأنّ لسان حاله يعيد ما قاله الروائي الأمريكي مارك توين قبل نحو قرن من الزمن: "الامتناع عن التدخين سهل للغاية، لقد امتنعت عنه آلاف المرات"!