أوضح الدكتور عبد العزيز خوجة أن وسائل الإعلام أسهمت في ولادة حرية الرأي وحرية التعبير والديمقراطية والفردية والتعددية والمساهمة في حركات التحرير والمقاومة. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة، الخميس 22 أبريل 2010، أمام حضور الدورة ال 11 للمؤتمر الدولي للأمن الثقافي العربي، الذي بدأ أعماله في بيروت، ويستمر يومين، وينظمه المجمع العربي الثقافي. وقال الدكتور خوجة: "إنّ دول العالم التي خرجت من نير الاستعمار عادت لترتمي بين أحضانه مرة أخرى، عبر استنساخ النموذج الغربي للتنمية، على اعتبار أنّه البلسم الشافي من ويلات التخلف". وأوضح أن الكلمة التي راجت في العصر الحديث، خاصة في بلدان العالم الثالث، كلمة (تنمية)، وذاعت بصورة كبيرة، حتى أصبحت شغل الحكومات والمنظمات الدولية والصحافة والأفراد، وتحوّلت إلى أداة سحرية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومرحلة ما بعد الاستعمار، حين هبّت البلدان المغلوبة التي خرجت من نير الاستعمار تبحث عن موقع لها في الخارطة الدولية، ووسيلة للنهوض في أشكال كثيرة؛ تعبّر عن استلاب اقتصادي وثقافي جديد. وأضاف: "إن المشكلة التي تنبّه إليها الدارسون أخيرا هي أن تلك البلدان وقعت في فخ تصور سهل للتنمية، حين قيست بارتفاع متوسط دخل الفرد من جهة، والتصنيع من جهة ثانية، فالنظر إلى التنمية التي لا تتجاوز ارتفاع متوسط الدخل والتصنيع وإغفال جوانب أخرى مؤثرة كالتربية والحريات والحقوق والثقافة، كان ذا أثر سلبي في تلك البلدان". وقال: "إنّ الثقافة تلتقي بالإعلام في أنها تقوم على نظام اتصال، والإعلام وسيلة ناقلة لمحتوى متغيّر، وهي في شكلها العام لا تتضمن موقفا ما لأنها تتلون بحسب المضمون الذي تكون عليه، وحين نربط بين الثقافة والتنمية والإعلام، فإن منظورا جديدا يحققه ذلك الارتباط، فالتنمية بما تتضمنه من هدف الارتقاء بالإنسان في أمسّ الحاجة إلى ثقافة تواكب طموحه، وتعبّر عن آماله وآلامه، ومن هنا يأتي دور الإعلام بصفته قناة محققة لهذا الاندماج بين التنمية والثقافة، معبّرا عنهما في التنمية الثقافية التي لا ينجح أي برنامج تنموي إذا ما جاء خاليا من مشروع ثقافي يحمله". وأكد الوزير أن ارتباط الثقافة والإعلام أبدي غير قابل للانفصال؛ فوسائل الإعلام أشاعت حزمة من القيم التي طالما سعى الإنسان إلى اغتنامها واكتسابها، وأهمها: ولادة الحريات العامة، وأبرزها: حرية الرأي وحرية التعبير والديمقراطية والفردية والتعددية ونشر الثقافة الجماهيرية والتعليم والمساهمة في حركات التحرير والمقاومة. وأضاف أن وسائل الإعلام نقلت الثقافة والتراث الثقافي في شكل كتاب مطبوع، وكانت الصحافة منتدى للأدباء والمثقفين والفلاسفة والمصلحين، وليس ببعيد عنا ما حققته السينما في تاريخ الثقافة العربية من مكاسب ثقافية وفنية، أما الإذاعة والتلفزيون فقد أسهما في إشاعة الوعي الثقافي الراقي عن طريق البرامج الثقافية والأدبية وما أحدثته من تواصل بين الشعوب العربية. وختم بالقول: "إن المطلوب من الإعلام بناء الذات الإنسانية على الكرامة والحرية وتنمية الحس بالمسؤولية والمواطنة والمشاركة في اتخاذ القرار وبلورة النقد في وعيه ودمجه في الحياة العامة، وإشاعة قيم الحوار والتنوع والتعدد، وإدراك طبيعة المجتمع الذي ينتسب إليه والثقافة التي يستمد قيمه منها".