ما أجمل تلك الفئات من البشر التي لو البستها تاج الفضائل لما أوفيتهم حقهم، يُخجلونك بدماثة أخلاقِهم حتى لو كانت وجهة نظرهم ليست وِجهتك، يضل رأيهم لهم ولك رأيك. والإختلاف بينكم بالرأي لا يفسد للود قضية. بل تنفع نفسها وتُعين غيرها وتحمل همك وترفع قدرك وتشد بيدك وإن حضرت لديهم فأنت من المُقَدرين، وإن غبت عنهم فأنت من المنتظَرين، شعارهم فيها تطبيقا لقول الله تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنيين). فتجد وقت جلوسك معهم الثناء الحسن والتشجيع والإيجابية والإبتسامة وبهجة العطاء، ناهيك عن اختلاف أعمارهم وتوجهات عقولهم. فليست هناك معادلة عمرية بين العمر والعقل لإنتاج التعامل والأساليب المتنوعة.، فمن شواهد حياتي البعض منهم ابن السبعة عشر يمتلك أفكارا وحوارا وثقة بالنفس قد لا تكون لدى الكهل الأربعيني، وقد تكون ابنة السابعة والعشرين لديها من القدرات واللباقة ورصانة التعامل مالم تكن في بعض النساء الخمسينيات. ولو تعجبنا واستوقفنا أنفسنا لماذا؟ فكل ذلك يعود للنشأة وقوة البذرة التي زرعتها الأسرة وسُقيت مع الزمن وأثمرت بهذه النتائج. فمن خبرة علاقاتي أن البيئات الخصبة بالعلم والإحتواء بالحوار والقناعة وامتلاء العين واحترام الدين تُنتِج منها أروع الشخصيات و أرفع المعادن. فبخلاف ما لاحظت من عينات من البشر لديهم سلاطة لسان وحدة نقاش وإن لم تكن على هواهم فأنت منبوذ، يريدون وضعك تحت أجنحتهم سمعا وطاعة عمياء وإلا هاجموك ليس كرها بل عِداء لنجاحك. ومنهم من ينشغل بشؤون الآخرين وكأنما يمتلك صك ملكية عليهم يراقبهم ويستجوبهم ليصل لمبتغاه. ناهيك عن محور الكون واتباعه الذين هم الضحايا دائما ويتخيلون بأنهم محط الأنظار فلاتسمع منهم إلا (حسدونا وعينهم علينا)، وهم من المنسيين بل في هامش الذاكرة. وجميع ما سبق بِمُختلف أعمارهم وتفاوت عقولهم بل قد تجد منهم آباء وأمهات وصنعوا أجيال وللأسف ربوهم على ذلك. يجب علينا أن لانراهن على الوعي في الطرف الآخروأن لا نغامر في العلاقات. والمواقف خير دليل من أبسط لحظة عابرة وإن التمست لهم الأعذار مرة تلو الأخرى فلا ينفع معهم إلا الخطوط الحمراء والبعد عنهم أكبر غنيمة بلاضرر ولا ضرار. مهم جدا أن نبني علاقات ليست مهدورة وقت وصحة وأن نركز على التجمعات التي تناسبنا ويرضاها العقل والدين بلا مجاملة فلم نُخلق إلا للعبادة والعلم ورفع الخُلق والإستئناس بذوي الهمم الراقين ولا بأس بتفتيش العقول قبل الإنسياق في الضوضاء قال تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) فما أجمل أدب القرآن. خاتمة انشغل بذاتك واصنع من نفسك قيمة مضافة لقيم بناءة في المجتمع ولتظفر بالخالق العظيم.