الأحاسيس هي كلمة تصف الحواس الخمس: البصر والسمع والشم والتذوق واللمس ، فعندما أحس بشيء ما فهذا يعني أنني استخدمت إحدى الحواس أو ربما أكثر .. عندما نشمّ عطرا مميزا في أحدهم.. نطيل التفكير ثم سرعان ما نقول إنه العطر الفلاني .. ما حدث هو أن حاسة الشمّ استقبلت العطر وأرسلت المعلومة للمخ الذي قام بتحليلها ضمن الملفات الموجودة بالذاكرة ، وتعرف عليها ، وأرسل للسان المعلومة فنطق بها.. إذن الإحساس فعل يسبق الشعور .. عندما يستقبل جسدنا دفء هواء بارد.. العقل يدرك البرودة ولكنه يرسل الإنذار للجلد (حاسة اللمس) وينفر الجلد تماماً ( يكشّ) ، ويبدأ العقل بالبحث عن وسيلة تدفئة ؛ لأنه في حالة استنفار.. أحياناً قد نتناول فنجان قهوة.. ويقوم المخ بتحليل ذلك الطعم ومكوناته .. وقتها تجدنا نقول لصاحب القهوة أن قهوته بها كذا وكذا.. بعدما أيقنا أن الإحساس فعل يرتبط باستقبال المخ له.. والمشاعر ردة فعل ناتجة من ذلك الفعل .. فنحن قد بدأنا نفهم حقيقة الحياة من حولنا .. فالمشاعر أشياء غير محسوسة خارجة من عقولنا قد يكون لها تعابير عفوية مميزة نأتي لها لاحقاً .. المهم أننا فهمنا .. ولكن كيف نتلمس تلك الأحاسيس ونعبر عنها بالمشاعر .. أعظم الحب في هذا الكون .. هو حبّ الأم.. مهما صوّرت الروايات قصص الحب ورومانسيات العشاق يظل حب الأم شجرة ضخمة نستظل تحتها.. تبث في نفوسنا المتعبة فرحاً وتصنع في مشاعرنا حباً.. عندما تمسك بيدها وتتحسس تجاعيدها وترى الحناء في أطراف أصابعها وتشم رائحتها.. وهي مستقبلات ضخمة تنتج عنها أحاسيس كثيرة.. يحولها عقلك إلى أحاسيس ضخمة ومن أهمها الشعور بالفرح.. نسيان الضيقة .. تذكر تعبها معك وأنت صغير.. تتذكر سهرها في فراشك وأنت مريض .. تتذكر ملاحقتها لك من أجل الغداء .. تتذكرها وهي تلبسك ثوب العيد.. تتذكرها وهي تمسح دموعك بيدها.. والأهم تتذكر حضنها فتجد نفسك لا إرداياً ارتميت في حضنها لكي تهرب من الحياة لحياتها.. وكل هذه المشاعر تأتي جياشة صادقة وهي من أصدق المشاعر النابعة من إنسان لإنسان.. ويأتي دور الزوجة (الزوج) فرائحة العطر العابقة بالمكان إحساس ينتج عنه شعور بذكرى حب جميلة أو عواطف جياشة أو ذكرى سعيدة (وتلك حاسة الشمّ) .. قد تكون في سفر ما .. وتشاهد مكان كنتما فيه ربما في شهر العسل أو سفرة عابرة.. وتذكرتها .. فسيطرت عليك مشاعر جميلة قد تبادر بالاتصال بها للتعبير عن حبك وتجديد رومانسيتك معها.. وقد تذهب لشراء هدية فيها ترجمة لتلك الذكرى .. (وتلك حاسة البصر) .. أو قد ترتشف فنجان من الشاي لم يعجبك.. وتذكرت الشاهي الذي تعده لك وقارن عقلك بين الطعمين ، وهنا أرسل لك مخك مجموعة مشاعر جميلة تذكرك بها ، وربما تدفعك للاتصال أو التعبير لها بهدية أو مفاجأة.. وتلك (حاسة الطعم) .. أو قد تتمشى في مكان جميل وتسمع صوت فيروز صادحاً بأغنية لها ذكريات مع زوجتك.. تجد نفسك توقفت مستمعاً لفيروز وفي الحقيقة عقلك هو من أوقفك لكي يتشبع بتلك الأغنية ، ويصنع لك في خيالك صور جميلة عن تلك الذكرى الحلوة (وتلك حاسة السمع) .. وتعود للفندق متعباً مرهقاً تحاول النوم .. وتنقلب نحو الجهة الثانية ، وهي فاضية ، وتبدأ يدك بتلمس المكان ولكنه فارغ.. يطير النوم قليلاً وعينك مغمضتان.. وتتذكر كيف هو شعورك حينما تضع يدك وتجدها بقرب.. وهنا يأتيك إحساس الفقد وشعور الوله والشوق لها.. ( وتلك حاسة اللمس). ختاماً .. تلمسوا أحاسيسكم فهي كفيلة بصناعة مشاعركم.. فالدنيا أقصر من أن تحرموا أنفسكم لذة المشاعر الناتجة من أحاسيسكم..