“أحجية الصور الكبيرة: من الذي سوف يلتقط قطع الأحجية؟” – من الذي يرتب قطع لعبة الأحجية الكبيرة – هذا هو مضمون الفكرة الرئيسة لمؤتمر ميونخ للأمن هذا العام. بالنسبة للمستشارة الألمانية فإن الجواب واضح: “فقط نحن جميعا معاً”. قامت ميركل في خطابها بالترويج لمزيد من تطوير الهياكل متعددة الأطراف. مقتطفات من كلمة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام مؤتمر ميونخ للأمن: التعددية السياسية “نعم، نحتاج إلى حلف الناتو كركيزة للاستقرار في الأوقات العاصفة، نحتاج إليه كمجتمع للقيم، لأننا يجب ألا ننسى أبداً أننا أسسنا حلف الناتو ليس فقط كتحالف عسكري، بل كمجتمع للقيم. مجتمع قيم تكون فيه حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون قواعد أساسية للتعامل المشترك. وحقيقة أن الناتو لا يزال لديه حالياً جاذبية كبيرة، قد اتضحت في الشهور الأخيرة الماضية عندما دار الجدل حول إمكانية أن تصبح جمهورية شمال مقدونيا، كما يمكن أن نسميها اليوم لحسن الحظ، عضواً في حلف الناتو”. العلاقة مع روسيا “كانت روسيا بالفعل، إن صح التعبير، الخصم في فترة الحرب الباردة، وذلك عندما كانت روسيا هي الاتحاد السوفيتي. كان يحدونا، بعد سقوط جدار برلين، بعض الأمل – وفي ذلك الوقت نشأ ملف روسيا-حلف الناتو – أن نتمكن من التوصل إلى تعاون أفضل. عندما أتذكر الآن من جديد أنه تم في عام 2011م على هامش مؤتمر ميونخ للأمن تبادل وثائق التصديق بشأن البداية الجديدة لمعاهدة الحد من التسلح “نيو ستارت” بين هيلاري كلينتون وسيرجي لافروف، فإن هذا يبدو لي الآن في عام 2019م أنه قد مر عليه وقت طويل. لكن في ذلك الوقت تحدث كلاهما عن بداية جديدة تتعلق بالشراكة الاستراتيجية. أقول هذا من ناحية لإيضاح ما حدث في السنوات القليلة الماضية، ولكن من ناحية أخرى لنقول أنه في غضون بضع سنوات مقبلة يمكن أيضاً أن يغدو الأمر مرة أخرى مختلفاً تماماً، إذا تعاونت الأطراف مع بعضها البعض وانشغلت ببعضها البعض”. الرقابة الدولية على التسلح “وبالنسبة لنا نحن الأوروبيين، إذا جاز لي أن أقول ذلك، فإن الخبر السيء فعلاً هذا العام هو تعليق معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. كان هذا التعليق بعد سنوات من الانتهاكات التي ارتكبتها روسيا لشروط هذه المعاهدة أمراً حتمياً. وكلنا كأوروبيين شاركنا في تحمل نتائج التعليق. ومع ذلك فإن هذة تُعد مرة أخرى – أقول لزملائنا الأميركيين – تركيبة مثيرة جداً للاهتمام، إذ يتم من قِبل الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا كخلف شرعي للاتحاد السوفييتي تعليق معاهدة وجِدَت بالأساس من أجل أوروبا، وهي معاهدة للحد من التسلح وتتعلق بأمننا. ونحن نجلس هنا وسوف نحاول بالطبع من خلال مصالحنا الأساسية عمل كل شىء من أجل إتاحة خطوات أخرى للحد من التسلح. وهذا لأن الإجابة لا يمكن أن تتمثل الآن في عمليات تعزيز للتسليح دون بصيرة.” الإنفاق على الدفاع ” تتعرض ألمانيا الآن في هذا الصدد أي (قيمة الإنفاق الدفاعي) للنقد. ومع ذلك لقد قمنا في عام 2015م برفع إنفاقنا الدفاعي إلى 1.35 % مقارنة ب 1.18 %. ونعتزم رفعه ليصبح 1.50 % في عام 2024م. كثيرون يجدون هذا غير كافٍ، لكنه يعتبر قفزة جوهرية بالنسبة لنا. ويتعين علينا بالطبع أيضاً أن نسأل: ما الذي نفعله إذن بالمال؟ وإسمحوا لي أن أصيغ الأمر بشكل مختلف على هذا النحو: إذا تعرضنا جميعاً للكساد ولم يعد لدينا نمو اقتصادي، فسيكون الأمر أسهل فيما يتعلق بالإنفاق الدفاعي. لكن ما إذا كان هذا يخدم الحلف، فأنا لا أعتقد ذلك. ولهذا السبب أعتقد أنه من ناحية من الصحيح أن لدينا مثل هذه المعايير، ولكن من ناحية أخرى أننا نفكر أيضاً في ماهية المساهمات”. مساهمة ألمانيا الدولية “نحن نقود التواجد العسكري لحلف الناتو في ليتوانيا، ونتولى هذه القيادة للمرة الثانية، ومن ثم هناك أمور تفيد جداً في الدفاع عن الحلف، لذا فنحن مستعدون للقيام بدورنا. وفي غضون ذلك نحن نشارك أيضاً خارج منظمة حلف الناتو – في مالي على سبيل المثال – وهي خطوة ضخمة من جانب ألمانيا، نظراً لأن ألمانيا ليست خبيرة من الناحية الثقافية بمالي، مثلما هو الحال مع أصدقائنا الفرنسيين. الفرار والهجرة “لقد كان الوضع في سوريا هو بالطبع الدافع وراء إثارة قضية اللاجئين. وهذا نوع من الحرب الأهلية ازدادت حدتها بعد ذلك بسبب التحديات الإرهابية. واجهتنا مهمة أمنية ذات طبيعة مختلفة عن المهمة التي نقوم بها في إطار الحلف على سبيل المثال. كان السؤال بالطبع متعلق بأوروبا: هل نحن مستعدون إلى حد ما لتحمل المسؤولية في ظل دراما إنسانية مدنية أم لا. وحقيقة أن هذا العدد الكبير من اللاجئين ،الذين جاءوا إلى أوروبا، لها علاقة بحقيقة أننا لم نهتم بوضع اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا. حيث وصل هناك بالفعل ما يقرب من ثلاثة أو أكثر من الملايين. كان استقرار هذه الدول في خطر حقيقي. وقد دفع هذا اللاجئين في نهاية الأمر إلى أن يثقوا في المهربين وتجار البشر وأن يقولوا إننا نبحث عن طرق أخرى “. السياسات الإنمائية “والآن أقول لكم ، في الوقت نفسه، من الوقت الذي كان لدينا فيه [حلف شمال الأطلسي في ويلز] ، والآن نسير نحو 2% داخل حلف الناتو ، قمنا بزيادة تكلفة مساعداتنا الإنمائية لأننا قلنا أن ذلك يُمثل أيضاً قضية امنية. إذا لم ندفع الآن – ونحن أحد أكبر المانحين في العالم – من أجل المساعدات الإنسانية و الإعانة الغذائية العالمية وكذلك لمفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين – لجعل الناس يشعرون بتحسن هناك، فعندئذ سوف تستمر مأساة اللاجئين. العلاقات الاقتصادية والتجارة العالمية “أنا أؤيد جميع الجهود المبذولة في مجال التجارة العادلة ، وأنا اسميها دائماً علاقة تبادلية – علينا أن نتحدث عن ذلك ولكن ينبغي لنا أن نفعل ذلك انطلاقاً من مبدأ الشراكة وحقيقة أن لدينا الكثير من المشاكل الأخرى في العالم التي تحتاج الى حلول. وسيكون من المجدي لنا أن نتوصل إلى تفاهم ولدي آمال كبيرة في المفاوضات التي تجري الآن مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال التجارة. وأقول بصراحة ،إذا كنا جادين بشأن الشراكة الأطلسية ،فإنه ليس من السهل على الأقل بالنسبة لي وأنا أشغل منصب مستشارة ألمانيا أن أقرأ الآن – ولكنى لم أحصل على النص المكتوب حتى الآن – أن وزارة التجارة الأمريكية صرحت على ما يبدو بأن السيارات الألمانية والأوروبية تشكل تهديدًا للأمن القومي للولايات المتحدةالأمريكية. انظروا، نحن فخورون بسياراتنا، ويحق لنا ذلك أيضا. ويتم تصنيع تلك السيارات في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشارت ميركل إلى أن أكبر مصانع السيارات الألمانية الفاخرة بي.إم. دبليو غير موجودة في ولاية بافاريا بل في ولاية كارولاينا الجنوبية التي تقوم بتصدير السيارات إلى الصين. إذا كانت تلك السيارات ، التي لا يقل التهديد المنبعث منها لكونها صنعت في ولاية كارولينا الجنوبية مقارنة بتلك التي صنعت في ولاية بافاريا .إذا باتت تلك السيارات فجأة تمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي، فإن هذا الامر يفزعنا “.