اختتم مؤتمر ميونيخ للأمن والسلم جلسات دورته ال51 التي شارك فيها زعماء دول ووزراء دفاع وخارجية وقادة رأي عام من مختلف أنحاء العالم، واستمرت ثلاثة أيام في ألمانيا، بحثت خلالها جملة من القضايا العالمية الراهنة، منها الأزمة الأوكرانية ودعم روسيا للانفصاليين هناك، والملف النووي الإيراني، إضافة إلى الوضع الأمني في أفغانستان، لكن قضايا العرب طغت على أعمال المؤتمر بحرب داعش وسوريا وفلسطين واسرائيل. وخلص المؤتمر إلى ضرورة تعزيز دور دول المنطقة، وخاصة الأردن والعراق لمحاربة تنظيم داعش المتطرف، وبهذه المناسبة، أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو) رفع مستوى مساعدته للأردن بتدعيم قدراته الدفاعية. وأفاد مراسلون أن قضية تجنيد الشباب الأوروبي للقتال مع داعش كانت أحد أبرز القضايا التي بحثها المؤتمر؛ نظرا لتسجيل دول أوروبية مثل ألمانيا أرقاما كبيرة من المجندين من رعاياها الذين التحقوا بصفوف التنظيم الدموي المتطرف. وحذر الرئيس الأفغاني أشرف غني المجتمع الدولي من تحويل التركيز عن بلاده، التي قال إنها لا تزال نقطة التقاء الشبكات الإرهابية الدولية بما في ذلك تنظيم داعش، الذي قال إنه يتحرك بسرعة للانتقال إلى أفغانستان. وتطرق المجتمعون إلى أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها إقليميا ودوليا، حيث شكل لبنان نموذجا لتداعيات الأزمة السورية، وقال رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في المؤتمر إن نسبة الجريمة ارتفعت في بلاده جراء البطالة والبؤس. وهيمنت الأزمة الأوكرانية أيضا على مؤتمر ميونخ للأمن والسلم، وجرت لقاءات مكثفة بالمسؤولين في روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا لإيجاد حل لهذه الأزمة. وقد وصلت مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل أمس إلى العاصمة الامريكيةواشنطن لإجراء محادثات في البيت الابيض مع الرئيس باراك أوباما بشأن سبل حل الأزمة الأوكرانية، غداة قمة موسكو الثلاثية التي جمعتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي فرانسوا أولاند. وأكدت ميركل قبل مغادرتها على رفضها القاطع لدعوات في واشنطن تطالب الولاياتالمتحدة بالبدء في تسليح الجيش الأوكراني في معركته ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. وكانت ميركل قالت يوم السبت أمام مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن: "لا يمكن حسم هذا الصراع عسكريا، وهذه هي الحقيقة المرة". وتأتي زيارتها لواشنطن قبيل قمة من المقرر أن تنعقد في مدينة منسك بجمهورية بلاروسيا، يوم غد الأربعاء لبحث الأزمة في أوكرانيا، حيث من المقرر أن يدفع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند وميركل بخطة سلام جديدة. حيث وافق زعماء روسياواوكرانيا والمانيا وفرنسا على الاجتماع في روسيا البيضاء لمحاولة التوسط في اتفاق سلام في اوكرانيا وسط علامات على بوادر خلاف عبر ضفتي الاطلسي حول مواجهة الرئيس بوتين. وأفاد بيان صادر عن البيت الأبيض أنه بالإضافة إلى أوكرانياوروسيا فإن المباحثات تتناول طرق مكافحة الارهاب وتنظيم داعش وافغانستان وايران. وستتضمن المباحثات ايضا أعمال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي ستعقد برئاسة ألمانيا في حزيران/يونيو المقبل، وكذلك قضية المناخ وتحرير التجارة. وبعد لقائها مع أوباما، والمحطة التالية لميركل هي أوتاوا لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر. وبسبب معارضتها لإرسال أسلحة دفاعية الى جيش أوكرانيا، تعرضت ميركيل لانتقاد حاد من عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي لينزي جراهام وجون مكين، وهما من صقور الجمهوريين، وقال مكين في ميونيخ: "الاوكرانيون يذبحون ونحن نرسل لهم البطاطين والوجبات". وأضاف: "البطاطين لا تجدي في مواجهة الدبابات الروسية". وسعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى التهوين من الخلافات مع أوروبا، وقال لمؤتمر ميونيخ: إنها خلافات تكتيكية أكثر من كونها استراتيجية. وكان رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لامبرتو زانييه، قال، في ميونيخ الأحد: إن الولاياتالمتحدة تخاطر بالتسبب في تورط مباشر بدرجة أكبر من جانب روسيا في الصراع الانفصالي في أوكرانيا إذا ارسلت أسلحة إلى كييف. وأضاف لرويترز: إنه قلق من أن يؤدي الدعم العسكري الغربي المباشر للحكومة الأوكرانية إلى تفاقم الصراع، "بل قد يؤدي إلى مزيد من التدخل المباشر من روسيا في ذلك الصراع، هدفنا لا يزال التهدئة، ولذلك أعتقد فعلا أن الجهد يجب أن يركز على ذلك". وقتل أكثر من خمسة آلاف من المدنيين والجنود الأوكرانيين والمقاتلين المؤيدين للانفصاليين منذ اندلع تمرد انفصالي في شرق أوكرانيا في ابريل نيسان الماضي. وقال زانييه: إن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي نشرت حوالي 400 مراقب في اوكرانيا لم تشهد فعليا أي شحنات أسلحة روسية إلى الانفصاليين، لكن تعتقد أن الأسلحة لا بد أنها تأتي من روسيا. وأضاف: "ما نراه هو أنه عند تدمير أسلحة اثناء العمليات العسكرية يبدو أن الانفصاليين لديهم دائما أسلحة جديدة"، مؤكدا أن مراقبي المنظمة لم يروا مطلقا أسلحة تصل من أجزاء أخرى من أوكرانيا "ولذلك فما خلصنا إليه أنها لا بد أن تأتي من الجانب الآخر.. الحدود الروسية". وتابع: إن تسليح الانفصاليين يشمل دبابات وقاذفات صواريخ ومدفعية ثقيلة، وقال: "يبدو أن لديهم وفرة في الذخيرة". وتراقب المنظمة نقطتين فقط من ثماني نقاط عبور على الحدود الروسية ليست تحت سيطرة سلطات الحدود الأوكرانية. وقال: "ليست لدينا صورة كاملة عما إن كانت توجد عمليات عبور غير شرعية عبر تلك الحدود". لكن السلطات الأوكرانية أكدت أمس ان 1500 جندي روسي دخلوا مع مئات من المعدات العسكرية الى اوكرانيا خلال نهاية الاسبوع. وقال المتحدث العسكري اندري ليسنكو: إن 1500 جندي روسي و300 من قطع المعدات بينها قاذفات صواريخ غراد متعددة الفوهات عبروا" الحدود الاوكرانية الروسية التي يسيطر عليها الانفصاليون يومي السبت والاحد، كما عبرت الحدود حوالي سبعين آلية، بينها شاحنات وصهاريج وسيارات، بحسب المصدر. وعلى الرغم من أن روسيا تنفي أي تورط لها في هذا النزاع، فإن سلطات كييف والغربيين يتهمونها بتقديم الدعم العسكري للانفصاليين مع احتمال نشر قوات نظامية على الأراضي الأوكرانية.