كسر البرلمان العراقي الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية بانتخابه السياسي الكردي برهم صالح رئيسا للبلاد، الذي سارع إلى تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل حكومة جديدة، فمن هو رئيس الوزراء المكلف؟ عبد المهدي، البالغ من العمر 76، سياسي مخضرم، فقد دخل المعترك السياسي مبكرا منتصف القرن الماضي، حين دفعه تأثره بالأفكار القومية العربية إلى الانضمام لحزب البعث، قبل أن يغادر إلى فرنسا لينخرط هناك في التيار الماركسي وتحديدا “الماوي” نسبة للرئيس الصيني ماو تسي تونغ. ونال عبد المهدي، الذي كان والده قد شغل والده منصبا وزاريا في عهد الملك فيصل الأول في عشرينيات القرن ال20، شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة بغداد عام 1963، ثم حصل على الماجستير في العلوم السياسة من المعهد الدولي للإدارة العامة بباريس عام 1970، والماجستير في الاقتصاد السياسي في جامعة بواتيه بفرنسا أيضا عام 1972. وبعد وصول الخميني إلى السلطة في إيران، انضم عبد المهدي، الذي كان قد غادر البلاد عقب خروجه من السجن إثر ترك حزب البعث عام 1963، للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وباب ممثلا له في كثير من المحافل. ومنذ بداية الثمانينيات عمل مع محمد باقر الحكيم، مؤسس المجلس الأعلى للثورة، ليعود إلى العراق بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2003، ويصبح عضوا مناوبا عن الحكيم في مجلس الحكم في مرحلة “سلطة الإدارة المدنية”. وشغل منصب وزير المالية في حكومة إياد علاوي عام 2004 ممثلا عن المجلس الأعلى، وشارك مع الإدارة الأميركية في المفاوضات الخاصة بشطب الديون الخارجية العراقية، وأقنع عددا من المانحين الدوليين بإسقاط جزء كبير منها. وبات عبد المهدي، الذي ساهم في صياغة الدستور العراقي الجديد، أحد نائبَي الرئيس العراقي عام 2005، بعد أن كان مرشحا لمنصب رئيس الوزراء قبل أن يتنازل لصالح إبراهيم الجعفري، آخر منصب تولاه كان وزارة النفط التي استقال منها في مارس 2016. ورشحت عبد المهدي لرئاسة الوزراء كتلتان متنافستان إحداهما يرأسها رجل الدين مقتدى الصدر ورئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، والأخرى يرأسها هادي العامري، وهو زعيم فصيل تدعمه إيران، وأمام الرجل الآن 30 يوما لتشكيل حكومة وعرضها على البرلمان للمصادقة عليها. وقال المتحدث باسم كتلة البناء أحمد الأسدي، إن “ترشيح السيد عادل عبد المهدي جاء بعد اتفاق بين كتلة البناء وكتلة الإصلاح التي تضم النصر والحكمة وسائرون على ترشيح السيد عبد المهدي عن طريق التوافق، وليس عن طريق الكتلة الأكبر وذلك لتجاوز مسألة من هي الكتلة الأكبر”. ورحبت كتلة الصدر بترشيح عبد المهدي، وقال زعيمها على “تويتر” الثلاثاء، إن العراق أكبر من الكتلة الأكبر في إشارة على الأرجح إلى الحل الوسط. كما أصدر العبادي بيانا هنأ فيه عبد المهدي وتمنى له النجاح.