كما هي عادتي مع الكرة أشاهد كأس العالم كل أربع سنوات، وبصفتي من بقايا شارع العطايف والسويلم والظهيرة والخزان لم يبق لي من الكرة السعودية سوى الهلال والنصر، مازالت أشباح لاعبي الماضي تسكنني، أتفرج على لاعبي اليوم بعد أن أكسيهم بأساليب وتقنيات وملابس الأيام القديمة وأرى فيهم ما رأيته زمن ما قبل الاحتراف. اللاعب في الماضي يمثل الفريق، في الحقيقة هو الفريق، يتغير المدرب، يتغير رئيس النادي ويتغير مقره ويتغير كل من يشاء التغيير ويبقى اللاعب رمز الفريق، أسماء كبيرة مثلت – ومازالت هي – فرقها، ماجد عبدالله هو النصر والنعيمة هو الهلال والصاروخ هو الشباب، ولكل فريق سعودي لاعبوه الذين سكنوا في ضمائر الجمهور. لم نكن نتخيل أن نرى لاعباً هلالياً يلعب في النصر أو لاعباً نصراوياً يلعب في الهلال. يبدأ اللاعب طفلاً من أطفال الفريق ومن مشجعيه في الحارة إن لم يكن قد ورث الميول من والده، ثم يبقى في النادي حتى آخر يوم من حياته الرياضية ليعود مشجعاً للفريق، ثم يموت وسترى أن أكثر مشيعيه من نفس فريقه. المناكفة القائمة بين الهلال والنصر حول سامي الجابر هي في الحقيقة من بقايا إيمانات جيلي، لم تسمح ذهنية جيلي من مشجعي الهلال والنصر أن يستقل اسم سامي الجابر عن الصراع بين الفريقين. مهما تنقل سامي ومهما أبدى من حسن نية ورغبة في الاستقلال يبقَ في رأي جمهور النصر متهماً بالهلالية ولن يبرأ منها إلى آخر يوم من حياته. يتساءل المرء اليوم من هو الهلال ومن هو النصر: لون القميص، الاسم، الشعار. أين البشر في هذه العلاقة، بعد جيل أو جيلين من أيامنا هذه مما ستتشكل ذكرياتي؟ ما مادة ذكرياتي من البشر؟ إذا كان الفريدي لعب في الهلال وأحبه جمهور الهلال وأبلى بلاء حسناً مع الهلال ثم انتقل إلى الاتحاد ثم ما لبث أن انتقل إلى النصر. إلى أي ذاكرة ينتمي وفي أي من سجلات العاطفة سيدونه التاريخ. ازدادت المسألة تعقيداً وفراقاً، في ذلك الزمن لم أكن أحتاج إلى وقت لأحفظ أسماء لاعبي الفريق، كلهم «يا محمد يا عبدالله يا ناصر»، وإن شذّ صار «مطلق وماجد وعبدالجواد»، أحفظ أسماء لاعبي المملكة في غضون الجولة الأولى من الدوري. كم أحتاج من الوقت لكي أحفظ أسماء لاعبي الهلال الذين لعبوا ضد الفيحاء قبل أيام، وكم أحتاج من الوقت لأحفظ أسماء لاعبي الهلال والنصر والفيحاء والاتحاد.. إلخ؟ وكيف السبيل إلى نطقها بشكل صحيح؟ ثم من يضمن لي بعد أن أجيد الدرس أن يبقى نصفهم في ملاعب المملكة العام القادم. من هو الهلال ومن هو النصر؟ سؤال سيبقى معلقاً يجيب عليه شباب اليوم عندما تشيخ الذكريات. عبدالله بن بخيت (الرياض) الوسوم النصر الهلال نهاية