مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملأون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و»دنيا الرياضة» إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم مهاجم الهلال والفيحاء السابق إبراهيم القرملة. * أعدنا لبدايات الرياضية. تدرجت من فئة البراعم في مركز تدريب الناشئين ثم التحقت بنادي الفيحاء بالمجمعة ومثلته في درجات الناشئين والشباب والفريق الأول *بعد اعتزالك الكرة أين أنت ليوم؟. أعمل مدربا في نادي الفيحاء بالمجمعة وفي الوقت الحالي مشرفا على إدارة الفريق الأول لكرة القدم *ما هي الأسباب التي جعلتك تعتزل اللعبة السبب الأهم الإصابات، وبعد ذلك السنِّ له أحكام؛ إذ تجاوزت ال 30 عاما وأنا أزاول كرة القدم وكذلك لعدم وجود الاحتراف والرغبة في التفرغ للأسرة ومستقبلها ** السائح حولني مهاجما *من المدرب الذي اكتشفك؟. المدرب التونسي رجب السائح الذي منحني الفرصة وحولني من لاعب وسط إلى رأس حربة. * هل كان من السهل أن تلعب للهلال وأنت نصراوي الميول؟. -هذا الأمر يعرفه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد «رحمه الله» فعندما قابلته في منزله قال لي: «يا إبراهيم أنا أعرف أن ميولك نصراوية ولكن لا تفكر في عاطفتك بل انظر لمصلحتك». وكان حديثه مقنعا، ومؤثرا في أن ألعب للهلال ورغم قصر المدة التي جلستها معه إلا أن كلماته لا أنساها، كان «رحمه الله» قامة رياضية خبيرة ومؤثرة في البيت الهلالي. إبراهيم القرملة: هروبي من النهائي الشهير كذبة . . و(العين) عجلت برحيلي عن (الزعيم)!! ** أبعدوني عن الضغوط النصراوية *ما قصة إبعادك عن عيون النصر من قبل عضو شرف هلالي وتسفيرك للبرازيل وإسبانيا؟. - كنت في تلك الفترة صغيرا في العمر وأفتقد الخبرة الاجتماعية لمواجهة الشخصيات الكبيرة في الناديين، والقصة بدأت عندما أنهيت اتفاقي مع الشيخ عبدالرحمن بن سعيد باللعب للهلال، وعدم الرد على أي اتصالات أخرى لأتفاجأ قبل الإفطار في أحد أيام شهر رمضان وكنت مدعوا عند زوج خالتي عبدالله العبيد في الرياض، وكان ابنه محمد لاعبا في نادي النصر فجاء رجلان وطرقا الباب ففتحت الباب ابنة خالتي الصغيرة، وسألوها إبراهيم القرملة متواجد عندكم. قالت: نعم، قالوا لها ناديه لنتحدث معه؛ فأقنعوني بمقابلة الأمير عبدالرحمن بن سعود «رحمه الله»، التقيته في منزله وكان يتواجد فيه عدد من الرياضيين أبرزهم ماجد عبدالله وأقنعوني باللعب للنصر وعدم النظر للعرض الهلالي، وعدم الرد علي أي اتصال من جانب الهلال، كما وقعني الأمير عبدالرحمن بن سعود على ورقة للعب للنصر، عندها علم الهلاليون بالأمر وبالطريقة ذاتها قابلت الشيخ عبدالرحمن بن سعيد وطلب أن أقابل الأمير نواف بن محمد بمعيته وكنت أصارع النفس والضغوطات كبيرة من الأهل والأصدقاء فذهبت لمنزل الأمير نواف بحضور المشرف على جهاز كرة القدم الأمير خالد بن محمد في ذلك الوقت؛ فأقنعوني باللعب للهلال، وقلت إنني هلالي، وطلبوا من أجل تخفيف الضغوط الكبيرة من كل اتجاه والضغوط النصراوية بأن أسافر للبرازيل للنقاهة والكشف العام على نفسك من الإصابات؛ خصوصا أن اللاعبين أحمد النيفاوي وحسين الحبشي ومنصور بشير كانوا متواجدين هناك للعلاج مع طبيب النادي برنبوك، فرحبت بالفكرة وسافرت للبرازيل لأني أحب البرازيل ومنتخبها، وجدتها فرصة وفعلا ابتعدت عن الضغوطات ثم التحقت بمعسكر الفريق الأول في إسبانيا من البرازيل وكان المدرب في ذلك الوقت فيداتو، نلت إحسان الجهاز الفني ولعبت مباراتين قدمت خلالها مستوى جيدا بشهادة صالح النعيمة ويوسف الثنيان وفي نهاية المعسكر تفاجأت بأن نادي الفيحاء لم يسقطني من الكشوفات، مما أحزنني وطلبت العودة للسعودية وقد أخبرني الأمير خالد بن محمد بالأمر، ووعد بنقلي الموسم المقبل للهلال كما واساني زملائي اللاعبون، إذ كان إحساسي بعد العودة من المعسكر كبيراً بأن اللاعبين أصبحوا أخواني وأن أجواء الهلال مشجعة، عدت للعب للفيحاء موسم 1408 ومثلته خير تمثيل، وكنا قريبين من الصعود للدوري الممتاز وبعد هذا الموسم انتقلت لحلمي الكبير (الهلال). ** شيك مؤجل *وكم كانت قيمة صفقة انتقالك للهلال؟. ما أعرفه أن الصفقة بلغت 800 ألف ريال، منها 500 ألف ريال نقدا من الأمير نواف بن محمد، و300 ألف شيك مؤجل لم يصرف حتى الآن، ولا يزال في خزينة نادي الفيحاء وذلك في عهد إدارة الأمير عبدالله بن سعد. *من المدرب الذي منحك الفرصة في فريق الهلال؟. المدرب البرازيلي كاندينو الذي استفدت منه استفادة كبيرة * ما صحة أنباء تهربك من مباراة نهائي كأس الملك الشهير أمام النصر عام 1409؟. -غير صحيح، فقد كانت لدي إصابة وفي ظهيرة يوم المباراة عملت اختبارا مع الطبيب برنبوك وكان لدي ورم في الركبة وجاء المدرب كندينو ومعه مدير الفريق سلطان مناحي والقائد صالح النعيمة سألني: «اخترتك أساسيا في اللقاء هل تستطيع المشاركة أم لا؟». وكان عدد التغييرات في ذلك الوقت تغييرين اثنين، قدمت مصلحة الفريق على مصلحتي الشخصية واعتذرت عن المشاركة وفزنا بالمباراة والبطولة. * كيف كان التنافس على مركز الهجوم؟. - كان عدد المهاجمين كبيراً، أبرزهم يوسف جازع وسعود الحماد وتركي الزياد مشاري العويران كما شهد الموسم انطلاقة سامي الجابر، بدايتنا كانت في فترة واحدة من معسكر البرتغال مع صفوق ومحمد التمياط وخالد التيماوي ووليد المدوح وكان التنافس شريفا. ** لست محظوظا *ماذا استفدت من تواجدك في الهلال -الشهرة ومعرفة الجمهور بإبراهيم القرملة، كونت علاقات مع جماهير ورجالات الهلال الذي أعتز بها كثيرا، تمنيت أن أرد جميلهم لكن قدرة الله فوق كل شيء. *بعد تنسيقك من الهلال أين اتجهت؟. _ مثلت الهلال ست سنوات ومررت بتجربة مريرة من الإصابات المتلاحقة حتى أنني جربت جميع أنواع العلاج ومنها الشعبي والرقية الشرعية، عالجت إحدى إصابتي عند والد اللاعب سعد مبارك ولكن دون فائدة، والغريب أن الإصابات تداهمني ليلة المباراة، وبعدها عرفت أنني لست محظوظا، وقررت ترك الفريق والانقطاع عن التدريبات، حتى طبيب النادي برنبوك عجز عن علاجي، وطلب من إدارة النادي ذات مساء مغادرتي المعسكر، وبعدها أيقنت بأنني محسود وليس لي حظ بتمثيل الهلال مستقبلا، ثم جاء نظام الاحتراف وتقليص عدد اللاعبين فتم إسقاطي من الكشوفات، تلقيت عروضا من أندية الاتحاد عن طريق عضو شرفة أسعد عبدالكريم ومن الشباب ولكن قررت العودة للفيحاء والقرب من عائلتي، فبعد الهلال لم يكن نادي آخر يملأ عيني؛ مثلت الفيحاء خمس سنوات لتعجل إصابة الرباط الصليبي وقناعتي الشخصية بالتوقف عن ممارسة الكرة التي كانت كل حياتي. *حدثنا عن حياتك الاجتماعية، وكيف تقضي يومك؟. متزوج ولدي ثلاثة أولاد وبنتان، أعمل في الدفاع المدني، وبعد الدوام الراحة قليلا في المنزل؛ في فترة العصر أهتم بالقراءة كثيرا، أتوجه بعد المغرب لنادي الفيحاء؛ إذ أعمل مدربا وطنيا في النادي وبعد العشاء الالتقاء بالأصدقاء، ومن ثم العودة للمنزل ولقضاء حاجاة الأسرة. *من أقرب الناس لك من الأصدقاء. -كثيرون ولكن أقربهم زياد السيف وناصر اليوسف * ومن الوسط الهلالي -منصور القاسم وخالد الحبيب *ما هي أعلي مكافأة حصلت عليها؟. -مكافأة الفوز مع الهلال بكأس الملك أمام النصر عام 1409 *هل ندمت على دخولك المجال الرياضي - إطلاقا بل أنا سعيد بهذا الأمر. *ما رأيك في مهاجمي الهلال اليوم. - بعد اعتزال سامي الجابر الهجوم الهلالي بلا هوية ولم يتوفر المهاجم الذي يؤمل عليه الجمهور الهلالي.