شرفت صباح الأحد الماضي بدعوة كريمة من ديوان خادم الحرمين الشريفين لحضور مراسم أداء القسم للأمراء والوزراء بين يدي ولي الأمر. سأكتب اليوم وقائع الصورتين: هيبة القسم المجلجلة التي ربما تكررت أربعين مرة، وصورة كواليس بهو الديوان الملكي بعد انتهاء المراسم. في هيبة القسم كانت مفردتي "الأمانة والإخلاص" ثابتتين، وكل هذا يعني ما يلي: ألا تصادر وظيفة يحيى لحرف "الواو" القادم في جيب مشعل. ألا يصادر اعتماد مطار الجوف لحساب جازان، وألا ننقل اعتماد دار العجزة ببريدة ثم يرحل إلى حائل. هيبة القسم التاريخية لابد أن تبني وطناً ومواطنين متساوين في الحق والواجب دون إقصاء أو تمييز أو تناقضات التهميش والتفضيل. هنا تبدأ ملامح الصورة الأخرى في بهو الديوان بعد انتهاء المراسم في اللقاءات الجانبية الكثيفة. قلت لمعالي الصديق الوزير الجديد إن كل ما أخشاه هو "ارتفاع" رتبة الوزير إلى فوق غيوم لا تفصله حتى من تاريخ أصدقائه بل أيضاً تحجبه الغيوم عن قواعد الشعب، لماذا أحببنا هذه الأسرة الحاكمة؟ الجواب لأنهم يأتون إلينا بلا عقد من الاسم والمنصب، وهنا بعض شواهد بهو الديوان الملكي: ابتدأ البروتوكول بتعليمات واضحة بعدم السلام على "أبوفهد". لكن سلمان بن عبدالعزيز، وحين انتهت المراسم، جاء إلينا ليبتدئ السلام، وكان يسأل عن تفاصيل يومنا مناداة بالاسم المجرد. كان محمد بن نايف يمازح كل فرد بيننا بأسلوب قاتل لعقدة الهيبة والمنصب: يقول لهذا: هاه فاتتك الوزارة، وللثاني يقول: طولت العزوبية، ولن أنسى حين صافحته وهو يقول لي "عسى فتشوك يا علي…" في إشارة إلى قصته الشهيرة مع إرهابي سابق في بهو الفندق، أيضاً بادرني الإنسان المكتمل، عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، بإضافة لقب جديد وهو يقول لي "سلِّم علينا يا عمَّ علي…" وكانت المحادثة كلها معه حول لقب "العم" وجدل عريض حول من هو الأكبر سناً ليستحق اللقب، أحببنا هذه الأسرة الكريمة لأنهم أصحاب عواطف أسرية خالصة، في بهو الديوان، وبكل صراحة شعرت أنني جزء من البيت مع الأمير لكنني مع الوزير في مرتبة اجتماعية طبقية. في بهو الديوان شعرت أن "أبوفهد" يسأل عن تفاصيل يومي ويعطيني دقائق من وقته في مقابل "ثوان" أعطاني إياها الوزير الذي أعمل تحت غطاء وزارته. شعرت أن سلمان بن عبدالعزيز هو الأب وأن محمد بن نايف هو الأخ.. ولا زلت مصراً أيضاً أن عبدالعزيز بن سلمان هو "العم" منتصراً ببرهان فوارق السن. زبدة مقال اليوم ليست إلا رسالة واضحة لأصحاب المعالي… انتهت المساحة. علي سعد الموسى نقلا عن "الوطن"