اصبحت العقود الآجلة لكل من نفط خام برنت ونفط خام غرب تكساس الوسيط الأقل للأسبوع الثاني على التوالي حيث واصلت حدة التوترات السورية خفتها، جنبا إلى جنب مع أخبار مفادها أن ليبيا قد بدأت بتصدير بعض انتاجها من جديد بعد فترة انقطاع دامت شهرا شابتها الاضطرابات العمالية. ضمن احتمال عودة الامدادات - في وقت من التباطؤ الموسمي في الطلب – فإن مخاطر استمرار الارتفاع عقب إعلان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لم تدم طويلا وفقا لتقرير ساكسو بنك. وزادت تكهنات السوق بالنسبة للوضع في ايران - بسبب العديد من تقارير وسائل الاعلام التي أفادت ان ايران عرضت إغلاق منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات الدولية عليها. ومن المتوقع أن ينعقد اجتماع في مقر الأممالمتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل بين الرئيس أوباما والرئيس روحاني، وسوف يكون هذا أول اجتماع بين قادة من البلدين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979. ويعطي إنتاج النفط في إيران وليبيا مؤشرا عن التأثير الذي قد يُحدثه حل هاتين المسألتين على الإمدادات العالمية، فمن مستوى إنتاج بلغ مجموعه في ذروة الانتاج 4.7 مليون برميل يوميا في يوليو الماضي للدولتين، وشهد مجموع انتاج البلدين جراء العقوبات المفروضة على ايران والضربة الليبية انخفاضا بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا ليبلغ 3.1 مليون برميل يوميا الشهر الماضي للبلدين معا. خلال الوقت نفسه، ازداد إجمالي إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا – جنبا إلى جنب مع زيادة الإنتاج السعودي – يفسر إلى حد كبير لماذا ظلت أسعار النفط مستقرة نسبيا خلال هذه الفترة من الاضطرابات. وسلط معهد البترول الامريكي على مدى السرعة ومقدار تغير سوق النفط في الولاياتالمتحدة في فترة زمنية قصيرة نسبيا حيث ذكر المعهد ملاحظات متعلقة بشهر أغسطس مقارنة بما كان الوضع عليه في العام الماضي ، حيث ذكر ان إنتاج النفط في الولاياتالمتحدة زاد بنسبة 20 بالمائة ليبلغ 7.59 برميل يوميا أي أعلى مستوى له في 25 عام، وانخفضت واردات الوقود والنفط الخام بواقع 10 بالمائة لتبلغ 9.8 مليون برميل أي أدنى مستوى لهذه الواردات في 18 سنة لشهر أغسطس، وارتفعت صادرات الوقود 16 بالمائة لتبلغ 3.5 مليون برميل يوميا، وهي أعلى من أي وقت مضى. ويساعد هذا أيضا على تفسير سبب عدم ترجمة الانخفاض الحالي في مخزونات النفط الخام الأمريكية إلى ارتفاع في الأسعار. حيث انه نتيجة لزيادة انتاج المصافي الموجه نحو التصدير جنبا إلى جنب مع انخفاض في الواردات. ونتيجة لذلك فإنه يترك قدرا أكبر من كل من النفط الخام والمنتجات متاحا في السوق العالمية مما يساعد على الحفاظ على توازن صحي بين العرض والطلب. ومازال من المبكر جدا أن نتوقع أي عودة للنفط الإيراني، ولكن إذا استمر زخم الحوار، فإن العالم قد يشهد عندئذ مستقبلا قريبا ترتفع فيه الإمدادات بوتيرة أسرع من الطلب؛ وسوف يبدأ هذا بممارسة ضغط سلبي على الأسعار متى ما أعيد بناء المخزونات العالمية في أعقاب انقطاع إمدادات هذا الصيف. وتفضل المملكة أن يكون سعر النفط في حدود 100 دولار أمريكي للبرميل ومتى ما اقترب السعر من ذلك المستوى نزولا، فإن المملكة قد تبدأ بخفض انتاجها من المستويات القياسية الحالية. ومثل هذا الانخفاض في الإنتاج من شأنه أن يرفع مستوى المملكة من الطاقة الانتاجية الاحتياطية، مما يزيد من تقليل المخاطر المستقبلية بشأن الارتفاع المتوقع في الأسعار. وقد ارتفع النفط الخام قليلا ليظل فوق 109 دولارات للبرميل امس بعد بيانات قوية من الصين وأوروبا الأمر الذي ينبئ بطلب قوي بينما هدأ تحسن محتمل في العلاقات الأمريكيةالإيرانية بواعث القلق بشأن المعروض. وارتفع خام برنت تسليم نوفمبر ستة سنتات إلى 109.28 دولار للبرميل بعد أن نزل في وقت سابق من الجلسة إلى 108.97 دولار. وارتفع الخام الأمريكي تسليم نوفمبر 24 سنتا ليسجل 104.99 دولار للبرميل. وسجل مؤشر اتش.اس.بي.سي لمديري المشتريات في القطاع الصناعي بالصين أعلى مستوى في ستة أشهر وهو ما بدد مخاوف المستثمرين من تباطؤ حاد لثاني أكبر اقتصاد في العالم. وفي منطقة اليورو أكبر شريك تجاري للصين أظهر مؤشر ماركت المجمع لمديري المشتريات نمو نشاط الشركات أسرع من المتوقع هذا الشهر بفضل قوة طلبيات التوريد الجديدة. ومن جهة اخرى عزت مسؤولة كويتية ارتفاع أسعار النفط الخام إلى العوامل الجيوسياسية وليس فقط نتيجة لعوامل العرض والطلب. واشارت نوال الفزيع محافظ الكويت لدى أوبك قولها «إن الظروف الحالية في بعض البلدان المنتجة وخصوصاً في الشرق الأوسط تجعل المستهلكين قلقين بشأن إمدادات النفط في السوق وهو ما يرفع الأسعار أكثر فأكثر». ورغم الانخفاض النسبي الذي سجلته أسعار النفط العالمية بعد تراجع احتمالات توجيه ضربة عسكرية لسوريا إلا أن الأسعار لا تزال فوق مستوى 100 دولار للبرميل. وهي مستويات تعتبرها الدول المستهلكة مرتفعة. وأكدت الفزيع التي تشغل أيضاً منصب الوكيل المساعد للشؤون الاقتصادية في وزارة النفط الكويتية أن نمو الإنتاج فيما يعرف بالنفط الصخري الذي تقوده الولاياتالمتحدة والنمو في مشاريع النفط غير التقليدية الأخرى «لا يشكل تهديداً» للنفط التقليدي مرحبة بأي طاقة جديدة يمكن للمستهلكين الاعتماد عليها بما في ذلك النفط الصخري. وعلى جانب اخر توقع الخبير النفطي الكويتي عبدالحميد العوضي ان تشهد الفترة المقبلة ارتفاعا في أسعار النفط أو انها ستظل مستمرة على مستوياتها بين 105 الى 110 دولارات لبرميل خام الاشارة مزيج برنت بفضل زيادة الطلب الموسمي على المشتقات البترولية. وأكد العوضي أن زيادة الطلب على المشتقات البترولية التي عادة ما تكون في الربع الأخير من العام ستدعم اسعار النفط حتى في ظل تقلص تأثير الأزمة السورية بعدما تراجعت الدول الغربية عن توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا في الوقت الحالي. واوضح العوضي أن الظروف المناخية في عدد من دول العالم تزيد من الطلب على المشتقات البترولية في الربع الاخير من العام وتعمل المصافي بطاقة انتاجية مرتفعة اضافة الى دخول مصافٍ جديدة لمرحلة الانتاج وهو ما يزيد من الطلب على النفط وبالتالي الاسعار مشيرا الى ان الاسعار ستظل على ارتفاع حتى نهاية العام. ولفت العوضي الى ان الاتفاق الامريكي الروسي بشأن اسلحة سوريا الكيماوية وتراجع فكرة توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري حد كثيرا من اسعار النفط مؤكدا أنها لن تهبط عن 105 دولارات مزيج برنت بفضل دعم الاسعار من الطلب الزائد على المشتقات البترولية. واشار الى أن سوريا دولة غير نفطية وغير مؤثرة في حد ذاتها في اسعار النفط ولكن دخول عدد من الدول المؤثرة على الخط من شأنه أن يتسبب في أزمة نفطية كبرى إذا ما حدثت مواجهة عسكرية خاصة وأن روسيا هي أكبر منتج للنفط والغاز في العالم والولاياتالمتحدة من أكبر الدول انتاجا وأكثرها استهلاكا في العالم. وذكر العوضي أن منظمة الدول المصدرة للبترول «اوبك» تلعب دورا رئيسا في استقرار الاسعار في الاسواق العالمية وان استقرار حجم انتاجها في الوقت الراهن هو في الصالح العام للمنتجين والمستهلكين معا مشيرا الى أن أي زيادة غير مقبولة للأسعار ستجعلها تزيد الانتاج وكذلك الحال في الانخفاض غير العادل في الاسعار سيدفعها لتعطيل الانتاج لتعود الاسعار لمستوياتها المقبولة. وبخصوص ما نشر عن توقعات بهبوط اسعار النفط لما دون ال70 دولارا اعتبر العوضي هذه الارقام «غير صحيحة على ارض الواقع» وإن كانت متواجدة في الموازنات العامة لعدد من الدول النفطية منها دول الخليج العربي لكنها ارقام لا تعكس الحقيقة ويتم طرحها بتحفظات شديدة كخطوات احترازية مؤكدا أن سعر 70 دولارا للبرميل لن يكون ذا جدوى اقتصادية للدول المنتجة. وحول تأثير سعر صرف الدولار على الاسعار في الوقت الراهن قال العوضي ان ارتفاع وانخفاض الدولار يعود لعدة عوامل اولها الميزانية الامريكية وما يتعلق بالواردات والصادرات مشيرا الى ان الارتفاعات والانخفاضات في سعر صرف الدولار غير حادة ومستقرة نسبيا وليس لها تأثير ملحوظ على اسعار النفط حاليا. وعن الاقتصاد في دول الاتحاد الاوروبي اوضح العوضي ان مشاكله اصبحت مستقرة بعض الشيء رغم معاناته المستمرة لكنها محاصرة ولا تتفاقم وحال الاقتصاد الاوروبي لم تعد تتصدر المشهد في التأثير على اسعار النفط كما كان منذ شهور خصوصا في ظل محاولات عدة دول الخروج به من حالة التدهور. ** كابشن: تفضل المملكة أن يكون سعر النفط في حدود 100 دولار أمريكي للبرميل ومتى ما اقترب السعر من ذلك المستوى نزولا، فإن المملكة قد تبدأ بخفض انتاجها من المستويات القياسية الحالية. ومثل هذا الانخفاض في الإنتاج من شأنه أن يرفع مستوى المملكة من الطاقة الانتاجية الاحتياطية، مما يزيد من تقليل المخاطر المستقبلية بشأن الارتفاع المتوقع في الأسعار.