أرجع الخطاط والباحث الأكاديمي عبدالرحمن أمجد تلاشي ثقافة فن الخط العربي في مجتمعاتنا العربية، حتى لدى النخب المثقفة، إلى غياب المبادرات على مستوى المؤسسات الثقافية العامة والخاصة، وعلى مستوى الخطاطين أنفسهم. عبدالرحمن أمجد مع تلاميذه أثناء تدريبهم على رسم بعض الخطوط (اليوم) وقال أمجد ل(اليوم): «الجمهور العام لا يملك ثقافة جمالية متعلقة بفن الخط العربي الذي أصبح بفنونه وأنواعه في غيبوبة نتجت عن هجمة الإهمال لعنوان الهوية العربية ممثلا في إهمال اللغة العربية وإلقاء اللائمة على صعوبتها نطقا وكتابة، كما برزت ظاهرة الغزو الفكري والتلوث البصري وهوس المجتمعات في استخدام أسماء أجنبية للمحال التجارية والشركات وغياب المبادرات على مستوى المؤسسات الثقافية العامة والخاصة، ما أثر على مستوى الخطاطين، الذين قال عنهم إنهم «يعيشون في عزلة»، ما يجعلهم لا يقيمون المعارض ويكتفون بإنجاز أعمالهم عند الطلب. مستدركا أن هناك إجماعا بأن فن الخط شهد نهضة خطية ملحوظة في كل الأقطار العربية والإسلامية، فضلا عن إقبال الأجانب في المعارض الدولية على الخط العربي بوصفه موسيقى مرئية. وأوضح أن ممارسة الخط أصبحت اهتماما حرفيا مهنيا تجاريا، ما ساهم في انحطاط المستوى الفني والإبداعي للخط العربي، وأن شوارعنا وما تحمله من لافتات متناثرة مشوهة هي أوضح ألوان التلوث البصري الذي نواجهه في حياتنا اليومية. وقال إن هناك فئة نخبوية مثقفة في المملكة وبعض الأقطار العربية لا زالت تقدر بل وتعشق تراثها وتساهم في نهضته ورقيه محليا وعالميا، مستدلا بجائزة سوق عكاظ للخط العربي. وعن رؤيته لتنمية حب فن الخط العربي لدى الأجيال الناشئة، قال أمجد: «لا زالت الورش الفنية والمهنية في المؤسسة التعليمية تحتاج وعيا لدى أولياء الأمور لتنمية المهارات والمواهب لدى الدارسين وثقل الموهوبين»، موضحا أن الإهمال أصاب حصة الخط العربي، التي كانت تحظى باهتمام كبير في الماضي، لدرجة أن مدرس الخط أصبح في حاجة إلى معلم يقوم بتدريبه، معتبرا أن هذا يعد من أكبر الأخطاء التي ترتكب في حق الناشئة. وأضاف: ينبغي رعاية الطلاب الناشئة والموهوبين والعمل على نشر وغرس قيم وثقافة هذا الفن لديهم، ولتنمية حب هذا الفن لدى الأجيال الناشئة يجب الخروج من الروتين والنمط التقليدي في حصص الخط من خلال الأنشطة الطلابية والأندية والحدائق المدرسية وممارسة الرؤية البصرية وتغذية العين بنماذج من الخطوط العربية المتنوعة بالألوان بطرق مبتكرة حديثة، واستخدام البساطة في تقديمها، وإقامة المسابقات ومنح الجوائز التشجيعية للمتقدمين مما يخلق روح التنافس، فالطفل الذي ينشأ على تذوق الجمال يمكن أن يكون إنسانا منتجا يعرف كيف يطور إنتاجه وقدراته، والتربية على الفن وحب الخط رمزا للهوية وتحسين خطه منذ الصغر تصنع منه إنسانا فنانا، كما أن تعليم قواعد الخط وتدريسها لطلاب المرحلة الابتدائية له دور إيجابي على العملية التعليمية. مؤكدا أن وجود خطاط متخصص يكون له أثر على اهتمام الطلاب بالخط يجذبهم ويجعلهم يلتفون ويتفاعلون حوله.