أحد الخريجين الشباب ممن أكرمهم الله ببعثة إلى الولاياتالمتحدة لم يكن يجيد الإنجليزية مطلقاً، جاءته تفاصيل الابتعاث على حين غرة ككل شيء في حياته، فقرر السفر ليجد نفسه لأول مرة منفصلاً عن أسرته التي كانت تسانده في تحمل جميع مسؤولياته عنه، استمر طيلة الرحلة وفي كل محطة هبوط محافظاً على بطارية جواله كاملة الشحن لأنه اتفق مع والده الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة على الاتصال به بمجرد الحلول عند كل نقطة جوازات أو تفتيش، ثم في مكاتب الاستقبال في الجامعة ولتنسيق إجراءات السكن! اعتمد هذا الشاب اليافع على قدرة والده على التواصل لشرح احتياجات طالب مبتعث عند ذهابه وإيابه إلى أي مكان يود زيارته حتى لو كان مطعماً! وأنا هنا لا أقف على مساءلة وزارة التعليم العالي عن مدى جاهزية هؤلاء الشباب عند السفر إلى الخارج وهم الذين بالكاد غادروا منازلهم وحيدين دون استشارة أو دليل، لكنني أزعم أن هذا هو حال معظم الشباب المبتعث والذي يفضح ضعف مخرجات التعليم والمسؤولة عنه بالدرجة الأولى وزارة التربية والتعليم.. متى يتم تعميم التجربة على كافة المدارس حتى نضمن تقليص الفجوات في الفوارق الفردية الطبيعية بين الطلاب والطالبات، بدلاً من اخضاع بناتنا وأولادنا لحقول التجارب في مدرسة –بغض النظر عن إمكانية نجاحها أو فشلها– والتضحية بآخرين وأخريات قيد التدريس بمنهاج قديم عفى عليه الزمن. ولن نعيد الحديث بضرورة النظر في السنة الدراسية التي يجب أن تدرج فيها اللغة الإنجليزية كمادة رئيسة ومهمة لأن ذلك أشبع جدالاً ولا يزال محل نظر، لكن المشاهد اليوم من تضييق على مناهج التعليم الخاصة في المدارس الأهلية يضيق الخيارات أمام الوالدين الباحثين عن أفضل نظام تعليمي يمكن أن يستثمروا فيه عقول أبنائهم، حيث تفرض الوزارة على المدارس الأهلية الالتزام بمناهجها مع إضافة منهج خاص باللغة الإنجليزية أحياناً لا يختلف كثيراً عن المنهج الحكومي، وبذلك يصبحون ليسوا بأوفر حظاً من أولئك الهاربين من ارتفاع أسعار المدارس الأهلية المطّرد دون رقيب إلى المدارس الحكومية التي تلتزم بمنهج متأخر ومبسط للغة الإنجليزية.. وكما أُعلن قبل يومين فقط عن الألوان الجديدة للزي المدرسي الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم للفتيات، صدر متأخرا جداً وبعد بداية الفصل الأول للعام 1434-1435 منهج تجريبي للغة الإنجليزية خاص بالمرحلة المتوسطة بالشراكة مع مركز ناشيونال جيوجرافيك للتعليم وبمعايير مشروع تطوير اللغة الإنجليزية الأمريكي، يضم موضوعات جذابة وبلغة ميسرة متطورة ومرفق بقرص مدمج! هذا إلى جانب تدريس المنهج المعتمد القديم، وذلك مؤشر فعلي نحو تطوير مناهج اللغة برعاية جمعية ناشيونال جيوجرافيك التي تعد أكبر مؤسسة علمية وتعليمية عالمية غير ربحية منذ عام 1888م، لكن العجيب في الأمر هو حالة الفوضى التي تعيشها المدارس الحكومية سواء مع قياداتها الإدارية أو مع المناهج، فمدارس بدأت باعتماد النظام المطوّر ومدارس أخرى تمضي وفق الأنظمة الدراسية القديمة! فمتى يتم تعميم التجربة على كافة المدارس حتى نضمن تقليص الفجوات في الفوارق الفردية الطبيعية بين الطلاب والطالبات، بدلاً من اخضاع بناتنا وأولادنا لحقول التجارب في مدرسة –بغض النظر عن إمكانية نجاحها أو فشلها– والتضحية بآخرين وأخريات قيد التدريس بمنهاج قديم عفى عليه الزمن، ولماذا تشعرنا الوزارة بأنها قد بوغتت بموعد بدء الدراسة لهذا العام؟ وكأنها للتو أوقظت من سبات على صوت طلاب وطالبات في المدارس يشكون حالة اللا! لا تكييف ولا زي محدد ولا كتب مطوّرة!. ميزانية عالية تقدّر بتسعة مليارات ريال رصدت من قبل مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي يمر بعامه السادس مخصصة للعلوم والرياضيات، وبقدر ضخامة الرقم بقدر ما يستدعي مراقبة حثيثة في تحديد قنوات صرفه، إلا أن التصرف في توزيع هذه المخصصات أوكل لمديرة كل مدرسة والتي قد ترتئي صرفها لصالح مواد أخرى غير العلوم والرياضيات! كشراء سبورة إليكترونية لمادة دين أو لغة عربية! أو ربما تزيين المدرسة ودفع رواتب العاملات! وعند مساءلة المديرة من قبل معلمات المواد العلمية فلا تجد إجابة شافية، إضافة إلى أن النظام يمنع تولي أي معلمة لأكثر من منهجين ومع ذلك تجد بعض المعلمات يدرسن أكثر من 16 حصة بالأسبوع وأكثر من ثلاثة مناهج في المدارس النموذجية! وعندما اعترضت إحدى المعلمات قيل لها «عاجبك ولا غيبي»! ومديرة أخرى قالت «هؤلاء حريم توجهي للرجال إذا لم يعجبك»! وهي تقصد المسؤولات في الوزارة.. مجرد حريم.. تويتر: @Rehabzaid