قبل سنوات كانت أختي «شارة» وزوجها يجوبان شوارع مدينة «كيوتو» باليابان بدراجتهما الهوائية، فقد كانا يعيشان هناك ويرفضان اقتناء سيارة للذهاب إلى مقر دراستهما، ولم يدُر بخاطري يوماً أن فكرة كهذه قد نستطيع تطبيقها في السعودية لأنه لا يوجد لدينا خط خاص لمسَار الدرَّاجات الهوائية. ولكنني قبل أيام شاهدتُ تقريراً في قناة BBC العربية عن شابين سعوديين هما «خالد الصقعبي»، و«حسام الملحم»، اللذان تخليا تماماً عن قيادة السيارة ليستخدما الدرَّاجة بديلا للتنقل في المنطقة الشرقية. حتى أنهما أصبحا متخصصين في تعليم الآخرين التنقّل بالدرَّاجات في شوارع الوطن العربي بطريقة ما يسمّى ب«القيادة المركبية». حيث جاءت تسميتها من «جون فوريستير» مؤلّف كتاب «ركوب الدّراجات الناجح». تعتبر طريقة «القيادة المركبية» كما يقول الشَّابان بالرغم من عدم انتشارها وعدم إدراك الناس لها.. إلاّ أنها الطريقة الأكثر أماناً والأسهل تعلُّما لمبادئها البسيطة، حيث تقوم أسسها بالضّبط على نفس طريقة السّير بأيِّ سيارة أو مركبة أخرى في الشارع. أمّا الُمدهش في الأمر فهو تأكيد الشَّابين على أن بلادنا ومدننا العربية بيئة ممتازة لقيادة الدرَّاجات بذاتِ الطريقة التي يقود بها السائقون سياراتهم!!، حيث لم يعُد يؤمن العالَم بحاجته لبناء شبكات أو مسارات خاصة للدرَّاجات، لأن مثل هذه المشاريع مكلفة جداً، والأهم أنها لا تجعل سائقها في أمان. عاملٌ بسيط من الجنسية البنغالية كان هو الملهم الأول ل«خالد الصقعبي»، حيث كان يأتيه على دراجتة كل يوم حاملًا أدوات تنظيف السيارة طلباً للرزق. وقد كان «خالد» طوال تلك السنوات ينظر إليه كالتلميذ النائم في وسط الدرس، ولكنه استيقظ فجأة على فكرة ذهبية، ضارباً بتعليقات زملائه السلبية عرض الحائط، وممتطياً دراجته وسط شوارع الدمام. ولأنني تحمّست كثيراً عند رؤية «خالد» يمرُّ من نفس الطريق الذي أعلق فيه بسيارتي كل صباح.. فقد نهضتُ بكل حماس وارتديت ملابسي الرياضية مشمّرة عن رغبة حقيقية في تقليده. ولا أخفيكم لقد ركبت دراجتي (الثابتة) في المنزل، وأغلقت عيني وتخيلُت نفسي أطير بين السيارات بعباءة تهفهف في الجو دون أن ألتفتَ إلى ازعاجات ال (بيب.. بيب)، لأصل قبل الموعد المحدد، أجّفف نفسي وشَعري وأرتدي (اليونيفورم) الخاص بالعمل، ثم أبدأ حياتي الجديدة بدون سائق خاص يستغل راتبي وأعصابي. [email protected]