اشترى الإيطاليون في السنتين الأخيرتين دراجات هوائية أكثر مما اشتروا سيارات في ظاهرة تعزى خصوصا إلى الأزمة التي تضرب البلاد المعروفة بالزحام المرورية الخانقة، وإلى وعي جديد بأن "ثمة وسائل أخرى للتنقل". الفارق كان بسيطا في 2011 (اقل من ألفي وحدة) إلا أنه زاد بشكل ملحوظ في العام 2012. فقد تم شراء 1.606 مليون دراجة هوائية في مقابل 1.402 مليون سيارة. ومع تراجع نسبته 8.2 في المئة مقارنة بالعام 2011 تكون الدراجات الهوائية قاومت بشكل أفضل الأزمة مقارنة بقطاعات أخرى كثيرة على ما يفيد قسم الدراجات (انكما) في نقابة أصحاب العمل "كونفيدوستريا". في المقابل شهد قطاع السيارات انهيارا في المبيعات بنسبة 20 في المئة في 2012. وهذه الأرقام تعكس أزمة في القدرة الشرائية بسبب انكماش كبير مستمر منذ سنتين لكن الأمر لا يقتصر على ذلك على ما تؤكد جولييتا بالياتشو رئيسة الاتحاد الإيطالي لأصدقاء الدراجة الهوائية (فياب). وتوضح أن "الأزمة الاقتصادية كان لها تأثير على كل جوانب الحياة بما في ذلك التنقلات،إلا أن ثمة ثورة أيضاً في نمط الحياة. نلتقي الكثير من الناس الذين اكتشفوا مجدداً وسيلة التنقل هذه، جانبها العملي وبساطتها وسرعتها في التنقلات الصغيرة". وقد تأثرت ايطاليا كثيراً بعقود من الحملات الواسعة لقطاع صناعة السيارات لذا فهي متأخرة كثيراً مقارنة مع جيرانها على صعيد البنية التحتية العامة ولا سيما في روما وهي مدينة "صعبة حيث سياسة التنقل تعاني من خلل" وفي كل مناطق الجنوب أيضا على ما تؤكد بالياتشو موضحة "البلاد مقسومة إلى شطرين كلما توجهنا جنوبا كلما ساء الوضع". لكنها تضيف "الناس مستعدون لهذا التغيير مع أن الكثيرين لا يزالون عاجزين عن التخلي عن السيارة وقد يستخدمون السيارة للانتقال من غرفة النوم إلى المطبخ لو استطاعوا. أما السياسيون فمتأخرون جدا ويخشون ذلك خوفا من خسارة أصوات، من دون ان يكون هناك رؤية على المدى الطويل". بيرو نيغريللي المسول أيضا في "انكما" يقول "إن عدم إدراك السياسيين لقيمة الدراجة الهوائية أمر محبط". وهو يشير إلى سبعة ملايين سائح ألماني يستخدمون الدراجات الهوائية ويدرون رقم أعمال يصل إلى تسعة مليارات يورو. ويوضح "في ايطاليا تكفي موارد متواضعة لإقامة مسالك للدراجات الهوائية تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق وهذا سيضمن لنا مجيء سياح أجانب". وفي إيطاليا غالبا ما ينظر الناس إلى الدراجة الهوائية على أنها من التجهيزات الرياضية أكثر منها وسيلة تنقل. إلا ان ثمة حركة تسجل خصوصا في ميلانو حيث إقبال متزايد على نظام لتشاطر الدراجات الهوائية يعرف باسم "بيكيمي" المستوحى من نظام "فيليب" الباريسي ويتم شق مسارات للدراجات الهوائية في هذه المدينة الكبيرة. وفي عاصمة ايطاليا الاقتصادية أيضا، تقترح متاجر عدة دراجات هوائية صممت خصيصا للمدن مثل دراجة "برومبتون" البريطانية التي يمكن طيها بحركتين فقط والمجهزة بمقبض لجرها خلف الشخص كما هي الحال مع حقيبة السفر. ولم يفت صانع الدراجات الإيطالي الشهير بيانكي هذا التطور. فالمجموعة المعروفة بفرقها لراكبي الدراجات الهوائية المحترفين ومن بينهم الأسطورة فاوستو كوبي، باتت تبيع الآن دراجات هوائية كهربائية. ويقول بوب ايبولوتو رئيس مجموعة بيانكي "الزبائن باتوا يطلبون الآن الدرجات المخصصة للتنقلات فقط ذات جودة عالية لأنهم يفكرون باستثمار على المدى الطويل. وهذا يؤكد فكرة أنهم يبتعدون عن السيارات". ويؤكد أن هذا النوع من الدراجات الهوائية سجل أكبر زيادة في المبيعات العام الماضي (+35في المئة) طارحا فرضية أن بعض الزبائن "باتوا يفضلون أن يكون لديهم سيارة ودراجة هوائية بدلا من سيارتين". ويقول بييرو نيغرللي أنه يجدر بإيطاليا أن تستوحي من خبرة فرنسا التي نجحت "في جذب الناس إلى الدراجة الهوائية من خلال عمليات ناجحة" مثل "فيليب" أو "عيد الدراجة الهوائية". لكن عليها أيضا أن تعلب أوراقها الخاصة "بصفتها مملكة الذوق والتصميم والموضة من خلال تقديم هذا الأمر على انه مبتكر ورائج".