اعتدنا في كثير تعاملاتنا أن ننسب بعض المواصفات الإنسانية لأقاليم ودول معينة وعادة تكون تلك الصفات عامة تشمل الجميع وهي في الغالب صفات اكتسبها الإنسان من البيئة والظروف المحيطة في فترات زمنية معينة فطباع سكان الصحاري تختلف عن طباع سكان السواحل ويختلفان معاً عن سكان الجبال. وهناك مناطق تلصق بهم صفة البخل وأخرى بالكرم وفي هذه المؤثرات وآثارها يقال كثير من الكلام قد يكون صحيحاً وقد يكون شاذا في حالات معينة ولكنها تلتصق بالغالبية تلك الصفات في النهاية مكشوفة نهتدي إليها بسهولة وليست كصفات أخرى تعم لا تظهر لنا مساوئها إلا بعد فترة من الزمن تكون كافيةً في كثير من الأحيان لارتكاب أخطاء جسيمة في حق الإنسان وفي حق الأنظمة والإنتاجية وغيرها ومن أمثلتها صفة الفهلوة التي نلصقها نحن العرب في ابناء أحد الشعوب العربية الفهلوة عالم واسع من المحتالين الذين يتصفون بالأناقة المبهرة في القول والشكل تلك الأناقة التي تنطلي كذبتها على الحصيف والخفيف في الوقت نفسه لو استطعنا أن نكشفهم ونتعامل معهم بوضوح لقضينا على كثير من مفاسدنا في كل مكان حيث يسيء الفهلويون لكل شيء. تحديداً ولكن حقيقة الأمر أن هذه الفهلوية شائعة فينا جميعا كشعوب وفي رأيي إنها مسؤولة عن كثير من مساوئنا في العالم العربي في شؤون كثيرة أيضاً في تنظيماتنا للصغير والكبير من الأمور فنحن نتعامل مع الأمور بمنطق عجيب خلاصته (مررها فلن يشعر بك أحد) وهذه جملة خطيرة تختصر الإهمال والفساد والاتكالية والغش بأي شكل كان وأخذ ما لا يستحق!! هذه الفهلوة يبدو أن الأصل فيها جاء من الفهلوية وهي لغة فارسية قديمة 300 ق. م. فكان من يتقنها في وقت متأخر يشار له بالمهارة وبراعة الإتقان وربما انتقلت للعربية من هذا المعنى فقيل إن الفهلوي هو الماهر البارع القادر على التكيف مع المتغيرات والقادر على تكييف الآخرين لما يريد وهنا يأتي المعنى الثاني لها وهو المحتال بطرق تبرز ذكاءه فلا يتنبه لخطره أحد وهذه المعاني ترتبط بالفهم والفهق والثانية تعني الامتلاء. والرابط بين الفهلوية اللغة والفهلوة الصفة هو الخبرة والمعرفة والمهارة. ووفقاً لما عرفته من الفهلويين الذين أتعامل معهم وتتعامل أنت معهم في كل مكان تجدهم فعلاً كذلك ويتساوى في ذلك المتعلم والمثقف والعامل البسيط والعامل على رأس هرم دائرة ما والعامل أيضاً بينهما. والمزعج في الأمر أن الفهلوي يحصل على ما يريد ويحصل على ما يستحقه غيره ويعتبر هو أن كل ما يحصل عليه نجاح وتميز استحقه بجدارة!! والحقيقة أن بعضهم يعمل فعلاً ويجهد نفسه كثيراً ولكن بالقول لا بالفعل وبالإعلان والتسويق الذاتي أكثر من الإنجاز ولا يكتشف هذا النموذج بسهولة إلا من قلة قليلة من المحيطين به والمتعاملين معه عن قرب شديد. أما البعيد فلا يرى إلا ما حسن ولا يسمع إلا ثناء متواصلا عن تلك الشخصية اللطيفة الذكية الودودة التي تشبه الورد في رقة تعاملها وسمو انسانيتها!! مع أنه يلعب أمامك بالبيضة والحجر اللذين قد يكونان أنت مالكهما والبيضة تمثل هنا سبل عيشك المادية والمعنوية والحجر هو مادة البناء الذي تعمره. ويدخل يده في جيبك ليأخذ ما هو لك ويلهيك عن ذلك بعرض المناطيل الملونة المبهرة. الفهلوة عالم واسع من المحتالين الذين يتصفون بالأناقة المبهرة في القول والشكل تلك الأناقة التي تنطلي كذبتها على الحصيف والخفيف في الوقت نفسه لو استطعنا أن نكشفهم ونتعامل معهم بوضوح لقضينا على كثير من مفاسدنا في كل مكان حيث يسيء الفهلويون لكل شيء. تويتر @amalaltoaimi