شدني ما آل إليه مشروع «مارينا ويست» الاستثماري السكني بمنطقة البديع بالبحرين بكلفة 400 مليون دولار، وكنت حضرت تدشين أولى مراحله في 2007، إذ يطالب المستثمرون فيه برد أموالهم وسط تسويف قانوني للقائمين عليه، وذكرني بما حذرنا منه حينها من شركات تبيع الوهم لمشترين طموحين ليُعضّ بعدها الأنامل ندماً على خسارتهم «تحويشة العمر». في ذلك العام كتبت مقالا عن باعة الأوهام، محذرة من مغبة ما تؤول إليه مصائر الطامحين بالثراء السريع، هذا النوع من تجار الكلام ينشطون في بيع مشاريع خاوية ما عليهم سوى تسجيل اسم تجاري لشركة ليس لها قيمة سوقية، وتنشيطها إعلاميا والعهد بذلك لشركة علاقات عامة متمكنة، حتى يحفظ الناس اسمها ويتوهمون أنها ذات جدوى وعندها فقط يمكن العمل الجدي ببيعهم الوهم الطموح كامتلاك بيت الحلم أو الاستثمار المضاعف عشر مرات في مبالغ مالية أو أراض، أو حتى بعروض تأمين مختلفة يتم من خلالها استغلال حاجة الناس. طرق الخداع التي يقوم بها سماسرة الاستثمار كثيرة وذات دهاء ومكر لا مثيل له ويعجز أكثر الناس عقلا في التشكيك فيها، إذ أنهم يقومون بتأسيس قاعدة معلوماتية عن شركاتهم أو تجارتهم حتى يعود إليها المشككون، وتحملهم على الإيمان بما يقومون به من عمل قد يسجل في غالبه على أنه قائم وفقاً للشريعة الإسلامية!!. اشتد عود مثل هذه المشاريع مع الطفرة المالية وراحوا يجردون الناس من أموالهم فالفقير منهم يستثمر مع مكاتب مغمورة والغني يستثمر مع شركات كبرت فجأة أو نشطت فجأة، وان انكشف أمر الشركات الصغيرة سريعا فان الشركات الكبيرة احتاجت لوقت أطول. لم يفوت باعة الوهم أي فئة من الناس لاستهدافهم فقيرا أو غنيا فان كنا قد حذرنا الفقراء منهم أو من ذوي الدخول المتوسطة فان الأغنياء أيضا لم يسلموا من دجل المتسلقين من الذين لمّعوا أسماءهم بقصد الاستثمار فيها عبر تواجدهم شبه اليومي على صدر الصحف الخليجية، يعلنون كل يوم عن مشروع بملايين الدولارات ذي جدوى نوعية وشراكة إستراتيجية مع شركات ليس لها وزن بالسوق أو شريك يشابهه في الوصف، ليغري بها المستثمرين الخليجيين ويرسي من خلالها مشاريعه السرية التي تعتمد على جمع الأموال من الناس للاستثمار بها في مشاريع ذات ريع كبير ومُجد ويستحق المغامرة. واتضحت النتائج في العامين 2010 و2011 ولاتزال عبر إعلان عن تصفيات للشركات الوهمية أو بهروب القائمين على المشروع أو إعلان إفلاسهم، أو إعلان خسائر جسيمة للمشروع الذي روج له، وغيرها من النتائج التي ضاع فيها حق المستثمر. الحقيقة المرة ان أعمال هذه الشركات قانونية ولا يمكن للقانون إنصاف المتضررين لأنها مسجلة بطرق سليمة وموثقة بطرق شرعية والعقود صحيحة، لذا فان الحذر وحده الذي يحمي. @hana_maki00