صيف ملتهب تعيشه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مناخياً وسياسياً وحتى اقتصادياً، ومع ما يجري من أحداث سجل تقرير البنك الدولي تراجعاً لمعدل النمو إلى 2،5 في المائة هذا العام من 3,5 في العام المنصرم في المنطقة. اقتصاديات دول الربيع العربي ليست بخير بسبب الأوضاع الأمنية التي تزداد سوءا مع الوقت، اثر ذلك كثيراً على البورصات وعلى الاستثمارات الأجنبية التي انسحب الكثير منها تحت قاعدة رأس المال جبان، وركد قطاع السياحة النشط الذي يعتمد عليه في الدخل الأساسي بمصر وتونس وسوريا والعراق ولبنان. يظهر لنا أحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية مسحة تفاؤل عالية، إذ يتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي العالمي نحو 2.2 في المائة هذا العام، لينتعش إلى 3.0 في المائة و3.3 في المائة في عامي 2014 و2015, مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي عاد للوقوف على قدميه مع انحسار المخاطر النابعة من البلدان المتقدمة، وأن البلدان النامية سيظل معدل النمو فيها قوياً وإن كان أبطأ من معدلات النمو المحموم التي شوهدت خلال فترة الرواج قبل الأزمة. إلا أن التقرير استثنى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ذلك وتوقع لاقتصادها تراجعاً في معدل النمو والسبب «المخاطر الأمنية في ضعف النشاط والاستثمار، وتؤدي الاختلالات المتزايدة في المالية العامة وأرصدة الحسابات الخارجية لدى البلدان المستوردة للنفط إلى تفاقم ضغوط الحاجة إلى التمويل في مواجهة الانخفاض الحاد في تدفقات رأس المال الخاص الوافدة منذ عام 2010» وفق التقرير، منوهاً إلى أن النمو يتوقف على «تسوية التوترات السياسية والمخاطر الأمنية، وتنفيذ الإصلاحات لوضع اقتصادات المنطقة على مسار نمو أكثر استدامة، وتعزيز الاستثمارات وفرص العمل والنمو». بعد أحداث 11 سبتمبر الأمريكية فرحنا بعودة الرساميل للمنطقة واستثمار رجال الأعمال العرب في دولهم والأسواق الواعدة الإقليمية وتحريك أسواق المال والعقار بعد دخولهم، وتسبب ذلك في نسبة تضخم غير مسبوقة في قطاعات واسعة بالذات العقارات، بالمقابل كانت الايجابية في تنشيط الأسواق وبناء مدن عقارية وسياحية وتأسيس بنوك ومصارف، وتوفير وظائف ورواتب مجزية وتفعيل القطاع الخاص وكان سببا في نشأة طبقة جديدة من رجال الأعمال الجدد. بعد أزمة المال العالمية التي أصابت بيوت المال ورساميلها وطمست على عدد منها، تقلص دور المشاريع في المنطقة وسكتت أجراس العمران وتباطأت، وتم تسريح العديد من العاملين بعد أن أقفلت أعداد من فروع الشركات في تلك الدول، اليوم أكثر من يتأذى من تخلف الاقتصاد العربي هم الشباب العربي الذين يتضاعف عددهم في قوائم العاطلين إذ أن الكثير من تلك البلدان فتحت أسواقها لعمل المواطنين العرب، وبالطبع سيلملم رجل الأعمال العربي ما تبقى من ثروته ليعيد توزيعها في مشاريع على دول واعدة أكثر استقرارا. Twitter @hana_maki00