بكل تأكيد إن خدمات التعليم العام والخاص بدت أكثر أهمية بالنسبة للحكومة في السنوات الأخيرة والتي تجلت في انشاء العديد من الجامعات السعودية وفتح المجال للجامعات الخاصة، إضافة الى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، والتوسع في انشاء عدد المدارس الحكومية والمعاهد والكليات الفنية والتقنية، وانتشار المدارس الخاصة، وهذا التوجه بدا واضحا عندما خصصت الحكومة أكثر من ربع موازنتها السنوية لأغراض تحقيق أهداف التعليم وتزداد هذه النسبة بشكل سنوي ومنذ عدة سنوات، وأصبح التعليم في بؤرة اهتمام الدولة من جوانب متعددة ، ولكن السؤال الهام المطروح الآن ، هل استطاعت الحكومة تحقيق الهدف المنشود من وراء تطوير الاهتمام بالتعليم ، وهل تم تحسين مخرجات التعليم ، أم الزيادة كانت عددية وليست نوعية ؟ كنا نتحدث في السابق عن أهمية مخرجات التعليم بما يتناسب مع سوق العمل ، بحيث يتم تغطية متطلبات سوق العمل من الوظائف المتاحة بقطاعيها العام والخاص من خلال الافراد المؤهلين بالتأهيل المناسب لطبيعة العمل ، ولكن من الملاحظ انه ومع كثرة وتزايد عدد الخريجين إلا أن سوق العمل لم يستطع ان يستوعب ويمتص القاعدة الكبيرة من الباحثين عن العمل، وذلك للأسباب المعروفة دائماً وهي إما بحجة عدم توافر الوظائف أو عدم توافر التأهيل المطلوب والذي غالبا يكون بحجة عدم توافر الخبرة المطلوبة في القطاع الخاص ، وبالتالي فإننا بحاجة الى إعادة الرؤية في ربط مسار التعليم من خلال استراتيجية واضحة لتنمية القطاع الخاص وقدرته على خلق وظائف للخريجين وبشكل سنوي ، وكذلك الاهتمام ببرامج التدريب والتطوير ما بعد التوظيف. وبرغم مساعي وزارة العمل في توظيف الفتيات ورغم المبادرات العديدة إلا أن السوق والقطاع الخاص تحديدا لم يستوعب مايرضي هذه الفئة من الباحثات عن العمل، ولا زلنا نعاني من بطالة كبيرة في جانب توظيف الفتيات ، وهذا بكل تأكيد يقودنا الى نفس ماذكرناه وهو التفكير في هيكلة بعض الأعمال وخطوط الإنتاج وتحديد المؤهلات المطلوبة بما يتناسب مع استقطاب الأعداد الكبيرة من الفتيات في هذه الأعمال ، وعلينا أن ندرك انه عاجلا أم آجلا سيكون للفتيات نصيب كبير من الضغط على الوظائف المتاحة، وبالتالي علينا أن نعمل على توفير الوظائف المناسبة لهن من خلال استراتيجية محددة لمخرجات التعليم بجانب تحديد الوظائف المناسبة لهذه الفئة . سيظل موضوع مخرجات التعليم موضوعا هاما واستراتيجيا في ظل تواجد نسبة مؤثرة من البطالة ، وبالتالي أصبحت مراجعة مخرجات التعليم بشكل سنوي موضوعا هاما ويحتاج الى تكامل ومرونة عالية بين كافة الأطراف ذات العلاقة ، وقد أشرنا سابقا الى موضوع تحديد الجدارات استنادا الى طبيعة القطاعات الاقتصادية وتنافسيتها حسب توزيعها الجغرافي في مختلف مدن ومحافظات المملكة ، وكذلك يبدو اننا في حاجة ملحة الى تطبيق مفهوم ( الملكية ) بدلا من تشتيت الجهود في وضع استراتيجية وأهدافها المتكاملة للعمل على تناسق جهود كافة الأطراف لتجديد وتطوير مخرجات التعليم .